عمان - ( بترا ) – اكد رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور ان التعديلات الدستورية الاخيرة المتعلقة بتعزيز دور الهيئة المستقلة للانتخابات وتعيين قائد الجيش ومدير المخابرات العامة مباشرة من جلالة الملك تعد خطوات اضافية مهمة في عملية الاصلاح السياسي وتعزيز الديمقراطية .
ولفت الدكتور النسور في مؤتمر بعنوان " التعديلات الدستورية والحكومة البرلمانية " نظمه امس السبت مركز القدس للدراسات السياسية بحضور وزير الدولة لشؤون الاعلام الدكتور محمد المومني الى توجه جلالة الملك عبدالله الثاني بان تكون الحكومات في الاردن برلمانية باكتمال بحيث يسمي البرلمان رئيس الحكومة ويشارك فيها .
واكد ان جلالة الملك حريص على الوصول الى هذا الهدف في تشكيل الحكومات البرلمانية وان هذا الهدف المعلن لجلالته ما زال واجب التنفيذ ولا بد من تهيئة الظروف لعملية تشكيلها.
واشار الدكتور النسور الى انه عمل جاهدا ومخلصا بعد تكليفه من جلالة الملك بتشكيل الحكومة على اثر تسميته من البرلمان ومن خلال مشاورات مكثفة مع النواب استمرت نحو شهر الا انه لم يستطع المواءمة بين طلبات النواب.
وقال انه لا يوجد نظام في العالم يشبه الاخر من حيث تشكيل الحكومات مضيفا ان السؤال الذي يبرز هنا هل نسعى لحكومة برلمانية يقرها مجلس النواب كما هو حاصل ام نريد حكومة يختار مجلس النواب رئيسها واعضاءها ؟ واوضح رئيس الوزراء ان التعديلات الدستورية عززت ووسعت دور الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات لتشمل الانتخابات البلدية اشرافا وادارة والاشراف على ما شابهها من انتخابات ذات الطبيعة العامة مثل اللامركزية المقبلة قريبا جدا اضافة الى ادارة الانتخابات للجهات التي تطلب من الحكومة في ان تجري انتخاباتها مثل الغرف التجارية والنقابات واتحادات الطلبة مؤكدا ان هذا الدور سيعزز من مكانة الهيئة كبيت خبرة اردني في الادارة والاشراف على الانتخابات .
كما قال النسور ان التعديل الدستوري الثاني بحصر تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات العامة هدفه الوصول الى حكومات برلمانية وابعاد الجيش والمخابرات عن السياسة والتدخل بهما.
ولفت الى انه وبموجب التعديل يصبح تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات مباشرة من جلالة الملك ودون تنسيب من رئيس الوزراء او وزير الدفاع على ان تبقى هاتان المؤسستان تابعتين لرئيس الوزراء وبالتالي هو المسؤول مباشرة امام البرلمان عن ادائهما .
وبين انه ستتم اعادة النظر بالقوات المسلحة وتقسيمها بحيث يبقى الجيش متفرغا للدور الاساسي المنوط به في حماية الوطن والدفاع عنه وبالتوازي سيتم تفعيل دور وزارة الدفاع كمؤسسة وطنية بعد ان اصبحت هناك مهاما واسعة وكبيرة تشغل القوات المسلحة عن اداء مهامها بحيث تلحق هذه المهام بوزارة الدفاع لتقوم بالإدارة العملياتية اليومية لها ومنها على سبيل المثال الخدمات الطبية الملكية والمؤسسة الاستهلاكية العسكرية والمركز الجغرافي الملكي والتسليح العسكري وغيرها .
وبشان مشروع قانون الاحزاب السياسية اشار الدكتور النسور الى ان الحكومة حاولت ان تأخذ بجميع الآراء واعمال اللجان والندوات والتوصيات الناجمة عنها وبصورة منفتحة وحرة لافتا الى ان المشروع بحوزة مجلس النواب الذي لديه حق التغيير به .
كما اشار الى انه سيلي انجاز مشروعي قانوني البلديات واللامركزية مشروع قانون الانتخاب الذي من المنتظر ان يتم تقديمه بداية العام المقبل مؤكدا ان مجلس الوزراء لم يناقش بعد اي مسودة لمشروع القانون .
وقال مدير عام مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي في بداية المؤتمر ان التعديلات الدستورية اخذت جدلا واسعا في المجتمع الاردني لجهة مضمونها فيما يتعلق بالتعديلات السياسية مبينا ان الدساتير توضع وتعدل توافقيا.
واضاف :انني احصر التعديلات الدستورية في سبب واحد هو ابعاد الجيش والامن عن التجاذبات السياسية والتي ستؤدي الى ولوج الاردن عتبة الحكومات البرلمانية مشيرا الى ان للحكومات البرلمانية استحقاقات ليس في قانون الانتخابات فقط، ولكن ايضا في تطوير الاحزاب وتعميق الاصلاح السياسي.
وقال رئيس الجلسة الاولى التي جاءت تحت عنوان الاحزاب السياسية والحكومة البرلمانية الدكتور سمير مطاوع انني متفاءل بالاصلاح السياسي الذي يمر به الاردن رغم الاخطار التي يمر بها الاقليم الذي يعيش حالة مخاض لابد لها من نهاية وولادة سليمة غير مشوهة .
وقال الامين العام لحزب التيار الوطني الدكتور صالح ارشيدات ان فكرة الحكومة البرلمانية مرتبطة بالنظام الديمقراطي المتجذر ووصول الاحزاب الى البرلمان من خلال قانون انتخاب يدعم الاعتراف بالأحزاب السياسية التي يعدها ركنا اساسيا في النظام السياسي والبرلماني للدولة ويهدف الى تمكين ائتلاف الاحزاب البرامجية من تداول الحكومات وتشكيل حكومات الظل ضمن اجواء من الحرية ورقابة مجتمعية وشعبية وحماية القضاء وسيادة القانون.
وقال الأمين العام السابق لحزب جبهة العمل الاسلامي الشيخ حمزة منصور انه يشترط للحكومة حتى تكون برلمانية بحق توفر عدد من الأسس ومنها أن يكون قانون الأحزاب قانون حريات لا قانون عقوبات وأن يكون النظام الانتخابي نظاما عادلا يتفق والمعايير الديمقراطية ويسمح بتمثيل حقيقي للشعب, وأن تكون الانتخابات حرة نزيهة وأن يفوز حزب أو عدد من الاحزاب بأغلبية نيابية وأن يشكل الحزب الخاسر حكومة ظل تمثل المعارضة لسياسات الحكومة وان يكون قانون الإعلام قانون حريات بحيث لا يخشى رئيس التحرير أو صاحب الرأي من إجراءات عقابية .
وفي الجلسة الثانية التي كانت تحت عنوان النواب والحكومة البرلمانية وتراستها النائب فاطمة ابو عبطة قال النائب المهندس سعد هايل السرور/ رئيس المبادرة النيابية " نحن بحاجة الى اصلاحات كبيرة ، متسائلا : لا استطيع ان افهم لماذا يثير الناس صلاحيات الملك في تعيينه قائد الجيش ومدير المخابرات والتي كانت مستقرة منذ نشأة الامارة في مطلع القرن الماضي ولغاية الان ولم اسمع منذ عملي في العمل العام من ينازع جلالة الملك صلاحياته في ذلك ،مضيفا ان الدول التي ادخلت الجيش في العمل السياسي لم يهنأ لها بال ولم تستقر اما تركيا الحديثة فقد وضعت الجيش حاميا للدستور وابعدته عن العمل السياسي وهكذا فعلت دول عديدة.
وبين انه بالنسبة لموضوع الهيئة المستقلة للانتخاب كان من الواجب تعديل الدستور كي يشمل صلاحيات الهيئة لإجراء الانتخابات العامة والمقصود البلدية والبرلمانية ولم يكن هناك سبب يدعو لتنظيم اية انتخابات اخرى تطلبها الحكومة او اشراف الهيئة على انتخابات فرعية صغيرة ولاداع للتقليل من حجم الهيئة ودورها في اقحام مصيرها في الاشراف على انتخابات اقل من انتخابات عامة .
وفي مجال الحكومة البرلمانية اعطى الدستور جلالة الملك الصلاحية في اختيار رئيس الوزراء في الوقت المناسب سواء كان رئيس حزب أو رئيس تكتل سياسي لكن في المقابل كانت هناك مادة في الدستور رغم أن بعض المشاركين أشاروا إلى حكومة عام 1956 البرلمانية ولكن كان في مقابلها في الدستور أن الحكومة وحتى تستمر في أداء تحمل مسؤولياتها يكفيها أن لا يحجب عنها ثلثا اعضاء مجلس النواب لتقوم بواجبها بعشرة بالمئة من الثقة لكن لم يتحقق الشرط الثاني بحجب ثلثي الاعضاء .
واضاف السرور ان التعديل الذي تم عام 2011 أزال العائق أمام أي حكومة تتشكل أمام أكثرية مطلقة من مجلس النواب وهي النصف زائد واحد حتى تكون حكومة برلمانية سواء كانت مشكلة من ائتلاف أو حكومة برلمانية وهذه مادة مهمة جدا كانت تمثل عائقا في تشكيل الحكومات البرلمانية و تم تعديلها في عام 2011، إضافة إلى تعديلين مهمين جدا، وهما الفصل أو الطعن في عضوية اعضاء مجلس النواب اذ عندما يحصل حزب أو أكثرية على عضوية مجلس النواب فمن العبث أن تطعن في عضوية أحدهما ما دام محميا بأكثرية وكذلك محاكمة الوزراء .
وقال النائب محمد الحاج من كتلة الوسط الاسلامي ان الحكومة قدمت مشروع التعديلات الدستورية معللة بأن اهم الاسباب الموجبة هو التوجه نحو الحكومة البرلمانية بما تعنيه من دخول التيارات والاحزاب السياسية , وحتى لا يدخل الجيش والدوائر الامنية في هذه التجاذبات السياسية كان لابد ان تجري هذه التعديلات لتحييد هذه المؤسسات الحساسة وهذا بلا شك سبب وجيه دفع الجزء الاكبر من اعضاء مجلس النواب الى الترحيب به .
واشار الى ان الحكومة البرلمانية لا بد أن يسبقها تعديل في قانوني الانتخاب والاحزاب ما يمكن الاحزاب السياسية من دخول البرلمان لتشكيل الكتل والائتلافات القادرة على اخراج الحكومة البرلمانية من رحم البرلمان نفسه.
وقالت النائب وفاء بني مصطفى انه كان من الأفضل أن تتروى الحكومة في التعديلات الدستورية ولم تأت بها في عشية وضحاها متسائلة : هل هذه السرعة تقودنا إلى تشكيل حكومات برلمانية.