بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزنا دولة الأخ المهندس علي أبو الراغب حفظه الله ورعاه،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،
فيسرني أن أبعث إليك بتحية المودة والتقدير، والشكر لك ولزملائك الوزراء الذين نهضوا معك بأمانة المسؤولية طيلة السنوات الثلاث الماضية وقدموا وأعطوا للأردن العزيز، ما سيذكره لهم أبناء وطنهم بالثناء والتقدير، فجزاك الله وإياهم خير الجزاء.
أما بعد،
فقد تلقيت كتاب استقالتك الذي يعبر عما عرفته وخبرته فيك من ولاء وانتماء، وحرص على النهوض بالواجب، وتحمل أمانة المسؤولية بإخلاص وتميز في الأداء، وقدرة على تحقيق الإنجاز، بروح الإيثار ونكران الذات، وفي إطار من العمل المؤسسي المستند إلى قواعد العلم والمعرفة ومواكبة روح العصر، ومقتضيات التطوير والتحديث في سائر جوانب مسيرتنا الوطنية المباركة.
وإنني إذ أعرب عن عميق اعتزازي بما حققته هذه الحكومة من إنجازات وما تصدت له من تحديات سواء على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الإقليمي والدولي، فإنني أتوجه بالشكر والتقدير لسائر أجهزة الدولة ومؤسساتها، ولكل أخٍ وأخت من أبناء الأردن العزيز، على صبرهم وانتمائهم وحرصهم على المشاركة في مسيرتنا الوطنية وإثرائها بعطائهم الخير، كل من موقعه وحسب قدراته وامكانياته. وهي مناسبة أتوجه فيها بالشكر بشكل خاص لكل من عمل وأسهم في إنجاز الانتخابات البرلمانية التي أردناها غاية في النزاهة والموضوعية والشفافية، التي تجسد إرادة الأردنيين واختيارهم الحر.
وبعد، فإنني إذ أقبل استقالة حكومتك، فإنني أعهد إليك بإعادة تشكيل الحكومة وذلك استمراراً للنهج الذي بدأناه في الإصلاح والتطوير والتحديث، في سائر ميادين الحياة، وصولاً إلى استكمال بناء دولة المؤسسات والقانون، ومجتمع العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص أمام الجميع، وتحقيق التنمية الشاملة التي توفر الحياة الحرة الكريمة لكل مواطن ومواطنة في الأردن العزيز.
دولة الأخ العزيز
إن هذه المرحلة من مسيرتنا الوطنية التي يستأنف فيها مجلس النواب مسيرته ومشاركته الفاعلة في حياتنا الديموقراطية، تتطلب أقصى درجات التعاون والعمل بروح الفريق الواحد بين السلطات الثلاث، وسائر مؤسسات الدولة وأجهزتها ومؤسسات المجتمع المدني بكل أشكالها، حتى نتمكن من تسريع وتيرة الإنجاز، والبناء على ما تم بناؤه في جميع المجالات ضمن رؤية وطنية شاملة، وخطط وبرامج تضع جداول زمنية محددة لتحقيق الأهداف التي نسعى لتحقيقها وذلك بالاستناد إلى القواعد والثوابت التي أرسيناها خلال السنوات الماضية، وجعلناها مرجعية نستلهمها في خططنا وبرامجنا لتحقيق أهدافنا الوطنية الكبرى.
وأولى هذه الثوابت وحدتنا الوطنية، التي ينبغي ان نصونها ونعمل على ترسيخ جذورها، وحمايتها من أي شكل من أشكال العبث بها أو الاساءة إليها تحت أي ذريعة كانت.
ثانياً: إن العدل أساس الحكم، فالمواطنون جميعاً أمام القانون سواء، ولا فضل لأحد على الآخر إلا بمقدار ما يقدم ويعطي لهذا الوطن والعدالة تقتضي تكافؤ الفرص أمام الجميع، وتوزيع مكاسب التنمية على سائر أرجاء الوطن وكافة شرائح المجتمع وفئاته. وهذا يقتضي بالضرورة ملاحقة كل أشكال الفساد والمحسوبية واستغلال الموقع العام لأغراض شخصية أو فئوية أو جهوية.
ثالثاً: إن مسيرتنا الديموقراطية هي نهج حياتنا الذي اخترناه والتزمنا به، وعلى ذلك فلا بد من تعزيز هذه المسيرة وترسيخ جذورها، وعلى ذلك فإن تنمية الحياة السياسية، وتفعيل دور الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وتعزيز الحوار بين سائر الاتجاهات النقابية والفكرية والاجتماعية هي طريقنا الى النهوض بالحياة السياسية وتعزيز المسيرة الديموقراطية .
رابعاً: إن التنمية التي نريدها هي التنمية الشاملة، ولا ينبغي أن تكون التنمية في أحد جوانب حياتنا على حساب الجوانب الأخرى، أو متقدمة في هذا المجال على بقية المجالات، فهي كل متكامل والتنمية الاقتصادية لا بد أن تصاحبها تنمية سياسية وتربوية واجتماعية. وعلى ذلك فلا بد من الاستمرار في تنفيذ خططنا وبرامجنا، لمعالجة أوضاعنا الاقتصادية، ومحاربة الفقر والبطالة وجذب الاستثمارات أو إصلاح وتحديث برامجنا التعليمية والتربوية. وخططنا لإصلاح الجهاز الإداري في الدولة، وتحديثه حتى يتمكن من القيام بمسؤولياته في تيسير عملية التنمية والإسراع في وتيرتها.
خامساً: إن الانفتاح على العالم ومحاولة الاستفادة من تجارب الآخرين، والتواصل معهم هو سمة هذا العصر، وقد أثمر تواصلنا مع العالم خلال السنوات الماضية والحمدلله، واستطعنا أن نحقق لوطننا الكثير من المنافع من خلال علاقاتنا الطيبة بالعديد من دول العالم، سواء على الصعيد الاقتصادي او الصعيد السياسي. ولذلك لا بد من تعزيز علاقاتنا بالعالم الخارجي ومد جسور التعاون معه، والاستفادة من تجاربه وإمكانياته، مع الحفاظ على خصوصيتنا وثقافتنا وحضارتنا التي تعطينا هويتنا العربية والإسلامية التي نعتز بها ونقدمها للآخرين بأبهى صورها ومعطياتها.
سادساً: لقد كان الأردن وسيظل بعون الله جزءاً لا يتجزأ من أمته العربية، وسيبقى منها ولها في كل الظروف والأحوال، وإن وفاءنا بالالتزاماتنا تجاه أمتنا وأشقائنا العرب هو ركيزة أساسية من ركائز الدولة الأردنية، وعلى ذلك فإن تعزيز علاقاتنا بأشقائنا العرب، وزيادة التعاون وتعزيز التكامل فيما بيننا، ودعمنا لمبدأ العمل العربي المشترك هو هدف أسمى وواجب نسعى دائماً للنهوض به، ولذلك فنحن ملتزمون بدعم الأشقاء الفلسطينيين وقيادتهم بكل الوسائل الممكنة وضمن أقصى طاقاتنا وامكانياتنا حتى يتمكنوا من استرداد حقوقهم وإقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس.
أما العراق الشقيق، فستبقى علاقتنا به علاقة أخوة واحترام متبادل، ونحن مع الشعب العراقي في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه، وسنقدم له كل الدعم حتى يتمكن من اجتياز هذه الظروف، وسنقف الى جانب وحدة وسلامة الأراضي العراقية، وحق الشعب العراقي في اختيار قيادته ومستقبله.
دولة الأخ الرئيس،
لقد وضعت حكومتك طيلة السنوات الثلاث الماضية العديد من البرامج والخطط لتحقيق التنمية الشاملة التي تنعكس أثارها على حياة المواطن بشكل مباشر وملحوظ، وقد حققت الكثير من الإنجازات والحمدلله، والمطلوب الآن هو مواصلة العمل لتنفيذ هذه الخطط والبرامج وتسريع وتيرة التنفيذ والإنجاز، وقد أصبحت الرؤية الآن أكثر وضوحاً، وأصبح تحقيق الهدف قاب قوسين وأدنى، وكلي ثقة وتفاؤل بقربنا من تحقيق طموحات شعبنا في تحقيق التنمية المنشودة والحياة الحرة الكريمة لأبناء وبنات الأردن العزيز.
وأسأل المولى عز وجل أن يحفظك ويعينك على تحمل المسؤولية، وستجدون مني كل الدعم والمؤازرة، منتظراً موافاتي بأسماء من سيقع اختيارك عليهم وزراء ليشاركونك تحمل أمانة المسؤولية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
عبدالله الثاني ابن الحسين
عمان، في 19 جمادى الأولى 1423 هجرية
الموافق 20 تموز 2003 ميلاديــــــة