بسم الله الرحمن الرحيم
مولاي صاحب الجلالة الهاشمية
الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
فيشرفني يا مولاي أن أرفع إلى مقامكم السامي أصدق آيات الولاء والاعتزاز بقيادتكم الهاشمية الملهمة، وأن أعبر عن عظيم الشكر والعرفان لجلالتكم لما أوليتموني وزملائي الوزراء من توجيه ودعم ورعاية، ونحن نجهد للنهوض بمسؤولياتنا في خدمة وطننا الغالي، والعمل على تحقيق رؤية جلالتكم، المستهدفة بناء المستقبل المشرق، الذي ينعم فيه شعبكم الأبي بالحياة الآمنة الكريمة، المفتوحة على أوسع آفاق التقدم والإنجاز.
وقد شرفتموني يا سيدي قبل ما يقارب السنة بتكليفي بحمل أمانة المسؤولية، رئيسا لحكومتكم، في مرحلة أردتموها مرحلة عمل مؤسسي ناجع، يراكم الإنجاز، ويعالج الاختلالات، ويعتمد منهجية برامجية للسير قدما في مسيرة الإصلاح والتحديث السياسية والاقتصادية والاجتماعية الشاملة، التي أعلنتموها جلالتكم سبيلا لا حياد عنه خدمة لمصالح الوطن والمواطن.
وجاء كتاب التكليف السامي رؤية شاملة، عملت وزملائي الوزراء ما استطعنا لترجمتها إلى برامج عمل واضحة، لتحقيق أهداف محددة، وفق معايير قياس أداء ومواقيت معلنة، تنفيذا لتوجيهات جلالتكم، التي اهتدينا بها، وكانت لنا نبراسا ومصدر عزم وتنوير طيلة فترة عملنا.
وقد صدعت وزملائي الوزراء للتوجيهات السامية، فقدم الوزراء برامج عمل الوزارات بعد أقل من أربعين يوما من بدء تحمل الحكومة مسؤولياتها، وتبنى مجلس الوزراء هذه البرامج، لينطلق العمل جهدا مؤسسيا منسقا ومتكاملا، وفق محاور سبعة، تسعى بكليتها إلى الوصول إلى الأهداف التي رسمتموها لنا جلالتكم، في السير على طريق الإصلاح الشامل، وتحسين أداء الاقتصاد، وتطوير مستوى معيشة المواطن والخدمات المقدمة له.
وتمكنت الحكومة بحمد الله من التقدم نحو بعض الأهداف المنشودة، في الوقت الذي استمر العمل فيه من أجل تحقيق نتائج أفضل في الوصول إلى الأهداف الأخرى، والتي تفرض طبيعتها جهدا أطول، خصوصا تلك المرتبطة بالوضع الاقتصادي، نتيجة لاعتمادها على الإمكانيات المالية والظروف الاقتصادية الدولية. ورغم الصعوبات، استطاعت الحكومة تخفيض عجز الموازنة، الذي كان قد وصل إلى مستويات تكاد تكون غير مسبوقة. واستعاد النمو الاقتصادي بعضا من عافيته، وأظهرت المؤشرات الاقتصادية تحسنا ملحوظا، ساهم في تطوير البيئة الاستثمارية وقدرتها على جذب الاستثمارات، التي تطلق المشاريع الاقتصادية، وتوجد فرص العمل.
وقد أكدتم جلالتكم أن الإنسان هو غاية التنمية ووسيلتها، وأن توفير الحياة الآمنة الكريمة له هو الهدف الذي يجب تكريس كل الطاقات والإمكانيات لتحقيقه. ومن هنا عملت الحكومة، من خلال ثلاثة محاور: تمكين ودعم كفاءة المواطن، وتزويده بالمهارات اللازمة للدخول إلى سوق العمل، وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى وحماية الطبقة الفقيرة، وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين ونوعيتها. وسعت الحكومة إلى تطوير التشريعات الناظمة لقطاع التعليم العالي، وإعادة هيكلة برامج التعليم المهني لضمان انسجامها مع متطلبات سوق العمل. كما قامت بتوسيع قاعدة المشمولين بالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، وأنشأت صندوق الطالب الجامعي، وأعادت هيكلة رواتب منتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وعملت على تحسين أوضاع المعلمين. وزادت الحكومة عدد المراكز الصحية والمستشفيات، وحدثت العديد منها، وتوسعت في إنشاء المدارس الجديدة وتوفير مستلزماتها، بالإضافة إلى الاستثمار في تطوير البنية التحتية في شتى جوانبها.
ولضمان مواكبة روح العصر ورفع قدرة الأردن على مواجهة تحدياته، شرعت الحكومة في تطوير التشريعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وبهدي من توجيهات جلالتكم، عملت الحكومة على تطوير الإدارة العامة وتكريس الشفافية والمؤسسية نهجا ثابتاً، فاعتمدت ميثاق شرف لقواعد سلوك الوزراء، واستحدثت وحدة لمتابعة الخطط التنفيذية، في سياق برنامج شمولي لتطوير القطاع العام والإدارة الحكومية، وتفعيل العمل الرقابي وآليات المساءلة العامة ومحاربة الفساد بأشكاله كافة.
مولاي صاحب الجلالة الهاشمية،
لقد حددت رؤيتكم الإصلاح السياسي شرطا لنجاح الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية ووصولها إلى غاياتها. ووجهتم الحكومة إلى إيجاد البيئة الكفيلة بزيادة المشاركة الشعبية في صناعة القرار وتطوير الحياة السياسية، وجعلتم إجراء انتخابات نيابية نزيهة وشفافة، تكون نقلة نوعية في مسيرة الوطن التطويرية التحديثية، في مقدمة مهام الحكومة، حتى يمارس المواطنون
حقهم وواجبهم في انتخاب مجلس نيابي قادر على أداء دوره الدستوري، والإسهام في مسيرة البناء، وتكريس الديمقراطية ثقافة وممارسة. وصدعت الحكومة لتوجيهاتكم السامية، فعدلت قانون الانتخاب، وأدخلت تحسينات نوعية على كل مجريات العملية الانتخابية، وكرست كل إمكانياتها لإدارة الانتخابات بحيادية ونزاهة وفاعلية. وبحمد الله، تم إجراء الانتخابات بشفافية ونزاهة شهد بها حوالي ثلاثة آلاف مراقب أردني وأجنبي. ومارس الأردنيون حقهم، وانتخبوا مجلس النواب السادس عشر، لتستمر المسيرة الديمقراطية، في البناء على الانجاز وخدمة الوطن ومصالحه.
مولاي صاحب الجلالة الهاشمية،
لقد طوقتم عنقي بالثقة الغالية التي وضعتموها في جنديا من جنودكم الذين يقدمون الوطن ومصالحه على كل ما سواه. وبذلت وزملائي الوزراء أقصى ما في وسعنا لترجمة رؤية جلالتكم إلى عمل صالح، يعود بالخير على أردننا الغالي وشعبكم الوفي، فسعينا إلى تنفيذ توجيهاتكم السامية من دون هوادة أو تردد، ومن دون أي اعتبارات غير المصلحة العامة، لنكون عند حسن ظن جلالتكم، وأهلا لخدمة وطننا العزيز.
واليوم وقد أجريت الانتخابات النيابية، لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل العطاء، في وطننا الذي سيبقى في ظل قيادتكم الملهمة الحكيمة، وطن الأمن والاستقرار والعز والكرامة والإنجاز، فإنني أضع استقالة الحكومة بين يدي جلالتكم، داعيا الله عز وجل أن يحفظكم سندا وذخرا للوطن والأمة، وأن ييسر لوطننا العزيز المزيد من التقدم والمنعة والازدهار. واسمحوا لي يا سيدي أن أرفع إلى مقامكم السامي أعمق مشاعر الشكر والاعتزاز، على ثقتكم الغالية التي أكرمتموني بها، وعلى دعمكم المستمر، الذي كان لنا خير العون طيلة فترة تحملي وزملائي الوزراء أمانة المسؤولية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
خادمكم المخلص
ســمـير الـرفـاعـي
عمان ، الاثنين 16 ذو الحجة 1431 هجري
الموافق 22 تشرين الثاني 2010