Logo 2 Image




بسم الله الرحمن الرحيم

حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظ الله عرشه، وحمى مجده، وعززه بنصر مبين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد؛ فقد تشرفت طيلة الشهور الفائتة، بحمل ثقة مولاي المعظم، أمانة ومسؤولية، في مرحلة هي الأكثر حيوية وتفاعلا ديموقراطيا، في مسيرة هذا الوطن العزيز، الممتدة بحفظ الله ورعايته. وكانت توجيهاتكم السامية ومتابعتكم الحثيثة، خير سند لحكومتكم، في المضي الواثق المطمئن، بالأردن الغالي، إلى أفق جديد، عنوانه الإصلاح الشامل المتوازن، وأساسه، كرامة الإنسان الأردني، وحقه المصان بالشراكة والتعبير والرأي. وخلال هذه الفترة، التي تقاس بالإنجاز النوعي، لا بعدد الأيام أو الشهور؛ حقق الأردن، بقيادتكم الحكيمة، وثبة إصلاحية وصورة نموذجية، تليق بهذا البلد الأصيل وأهله، وتتمثل رسالة النهضة العربية الكبرى، ولواء القيادة الهاشمية الفذة.. وقد قدمت المعارضة الأردنية بقواها التقليدية والجديدة، وبتعبيراتها المتنوعة، شاهدا ماثلا على المسؤولية والموضوعية، والحرص على استمرارية مسيرة الإصلاح، وسلمية أدواتها ومسارها.. فأعطى الأردن الدرس التاريخي، في التفاعل الإيجابي، وتجاوز التحديات، واحترام حق الاختلاف، وسمو قيم الحوار والانفتاح. ولقد حددت حكومتكم، يا مولاي، منذ اللحظة الأولى، برنامجها الإصلاحي، في مساراته المتوازية، والتزمت بسقوفه الزمنية، وطلبت التقييم والمساءلة على أساسها؛ فكانت البداية من تقديم قانون الاجتماعات العامة، لدعم وتعزيز حق الاحتجاج السلمي والتعبير عن الرأي، وإعفائه من أية شروط مسبقة. كما جاء قانون نقابة المعلمين تعبيرا عن احترام الدولة لهذا القطاع الواسع والحيوي من أبناء الوطن، وتلبية لمطالب تجاوز عمرها الخمسة عقود. وكانت لجنة الحوار الوطني إطارا وطنيا متنوعا للتوافق حول الأولويات الإصلاحية؛ وجاءت اللجنة الملكية لمراجعة الدستور الأردني تعبيرا عن ثقة القائد الرائد بشعبه ومؤسساته ودعما ملكيا هو الأهم لمسيرة الإصلاح السياسي. وقد تكلل ذلك كله، باستكمال المراحل الدستورية كافة، وبتعاون مسؤول من مجلس الأمة؛ وغدت التشريعات الإصلاحية رافعة صلبة، لأية خطوات قادمة، وأساسا متينا لكل جهد مبارك.. وصولا إلى تأليف الحكومات، تاليا، على أسس برامجية وبرلمانية، وفقا لرؤيتكم الإستشرافية، والتي أعلنتموها منذ سنوات، وفي مطلع عهدكم الميمون. مولاي المعظم، ولأن الإصلاح الشامل مسيرة متوازنة، متصلة، فقد كان الإصلاح الإداري حجر الأساس، في عملية الإصلاح. وقد أعلنت حكومتكم برنامجها الواضح لإعادة هيكلة مؤسسات القطاع العام وإعادة هيكلة الرواتب. وبدأت بالخطوات الأساسية، باتجاه إزالة التشوهات، وتحقيق العدالة، ووقف الهدر، وإخضاع كافة المؤسسات العامة للرقابة والمساءلة، واستعادة الولاية العامة كاملة غير منقوصة، وإعادة الاعتبار للإدارة الأردنية وأجهزتها المحترمة، التي أنجزت نهضة هذا الوطن، وشيدت مؤسساته الراسخة. وفي كل هذه المراحل والخطوات، آمنت الحكومة، يقينا، بأن هيبة الدولة هي من هيبة المواطن. وأن لا اعتبار يسمو على كرامة الأردني، لا بل على كبريائه. وإن هيبة الدولة يصونها الأردنيون، البارون بآبائهم وأجدادهم، ممن شيدوا هذه الدولة، وهم الأحرص عليها؛ وأن مؤسسة العرش هي مظلة الجميع؛ وهي مظلة لا تتيح لأحد أن يختبئ وراء الملك أو أن يستقوي به على الآخرين. وقد كرست الحكومة نهج مكافحة الفساد، واعتمدت الوضوح والعلنية، في التعاطي مع كل الملفات التي تتوفر فيها بيّنات تكفي لإحالة الملفات، دون ظلم لأحد، أو تهاون في حق الدولة والمجتمع. وكانت توجيهاتكم واضحة صريحة بأن لا أحد فوق المساءلة، ولا حصانة لأي كان. وقد قامت الحكومة، بالفعل، بإحالة الملفات التي توفرت فيها القرائن الكافية، وهي بمجملها، الآن، بين يدي القضاء العادل النزيه، بعد أن استكملت الحكومة إجراءات دعم الهيئة المختصة بكل ما هو مطلوب. مولاي المعظم، لقد اجتهدت الحكومة، وعملت بكل طاقتها، في ملف البلديات، بعد أن أسس القانون الجديد، لمرحلة متقدمة، يسود فيها رأي الناس، وتأخذ توافقاتهم الأولوية في التخطيط ورسم مستقبل التنظيم والتنمية في مناطقهم. وقد ضمن القانون توسيع قاعدة المشاركة، وهو ما مثل سابقة ديمقراطية مهمة؛ تكون معها مشروعية السياسات الحكومية من مدى رضا الناس عنها، وليس من مدى القدرة على فرضها على أرض الواقع. وقد تعاملت الحكومة، مع كافة الاحتجاجات والاعتصامات؛ بكل تفهم وإيجابية. وكان حرصنا منصبا على نجاح هذا التمرين الديموقراطي، وعلى سلمية التعبير، وحق المواطنين المصان في اختيار ما يرونه الأمثل لمناطقهم. مولاي المعظم، وبعد أن حقق الأردن الغالي، بإرادتكم وعزيمتكم، هذه النقلة الإصلاحية الشمولية، الآمنة والواثقة؛ وقد كان تشريف مولاي المعظم لي بأن أكون وزملائي الوزراء، المسؤولين دستوريا وتاريخيا، عن تنفيذ توجيهات مولاي، وترجمة رؤيته الإصلاحية واقعا ماثلا؛ متسلحين بالإيمان المطلق بحتمية الإصلاح نهجا وحيدا للتعاطي مع مختلف التحديات، ورسم ملامح الأردن الجديد؛ فإنني ألتمس إرادة مولاي المعظم، بقبول استقالة الحكومة، جنديا على العهد، وأردنيا في صفوف الأردنيين الأوفياء، أضرع معهم إلى الله العلي القدير، أن يكلأكم بعظيم عنايته، وأن يديمكم ظلا ظليلا وسندا وذخرا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

خادمكم الأمين الدكتور معروف البخيت

عمان 19 ذو القعدة 1432 هـجرية الموافق 17 تشرين أول 2011 ميلادية

كيف تقيم محتوى الصفحة؟