بسم الله الرحمن الرحيم
مولاي صاحب الجلالة الهاشمية
الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم
حفظه الله ورعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،
أتشرف يا مولاي، بأن أرفع إلى مقامكم السامي، أسمى آيات الولاء والوفاء، مقرونة بالابتهال إلى المولى العلي القدير، أن يجعل التوفيق والسداد حليفكم، وأنتم تقودون المسيرة المظفرة بأبهى صور التميز والريادة وعظيم العطاء. وبعد،
فقد تلقيت يا مولاي بيد العرفان والاعتزاز كتاب تكليفكم السامي الذي تعهدون فيه إلي بتشكيل حكومة جديدة تواصل مسيرة البناء والعطاء بقيادتكم النيرة السديدة.
وإنني إذ أصدع لرغبتكم السامية في حمل أمانة المسؤولية معتزاً بثقتكم الغالية، لأرجو المولى أن أكون وزملائي دوماً عند حسن ظنكم ننهض بواجباتنا كما أمرتم في كتاب التكليف السامي مزدهين بعطاء آل هاشم الأبرار ومقتدين بنهج جلالتكم ورؤيتكم الثاقبة ودعمكم الدائب وسهركم المتواصل لبناء أردن الخير والرخاء. ولقد أرسيتم يا سيدي، في كتـاب التكليـف السامي بما أشتمل عليه من رؤية
واضحة شاملة مرتكزات العمل ومحاوره في المرحلة القادمة وستكون توجيهات جلالتكم منارة الهداية لي ولزملائي نستلهم منها الرشاد والعزيمة ونعدكم يا مولاي، أن نبقى على العهد أوفياء، نبذل كل جهد مخلص بثقة وتفان لترجمة توجيهاتكم إلى برامج وإنجازات على أرض الواقع نستكمل بها ما بدأناه من خطط طموحه، وسنواصل سياسات البناء والإصلاح والعطاء، بالتعاون مع مجلس الأمة الموقر، وسائر سلطات الوطن ومؤسساته وهيئاته وفي القطاعين العام والخاص، في مشهد عام نتطلع لأن يعبر بصدق ووضوح، عن حقيقة كوننا في أردنكم الغالي، أسرة واحدة تفخر بانتمائها العربي الإسلامي الإنساني، وبدورها الطليعي الذي رسمتم جلالتكم ملامحه، وحددتم جوهره ومضمونه، في إحقاق الحق والعدل والسلام والمساواة، وتجسيد مبادئ دولة القانون والمؤسسات، وقيم الحرية والديمقراطية ومسارب الحوار الموضوعي الهادف والبناء، مستندين في ذلك إلى إرث هاشمي ثري في غاياته ومحتواه، ورسالة إنسانية راقية في تجسيدها لاحترام كرامة الإنسان وحقه المشروع في حياة حرة كريمة، عنوانها الرخاء والعطاء والاستقرار. وعليه سيكون الحفاظ على الوحدة الوطنية في إطار من العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وسيادة القانون من أهم أولويات عملنا في المرحلة القادمة.
وفي هذا الصدد ستواصل الحكومة دعم مسيرة القضاء الأردني ورفده بما يحتاج من إمكانات مؤسسية وبشرية وفنية ليبقى عنوان النزاهة والعدل والحرص على أداء دوره بشكل فاعل.
أما قواتنا المسلحة الباسلة، وسائر أجهزتنا الأمنية، فستلقى منا كل الدعم، وسنعمل على مدها بما تحتاجه، تسليحاً وتجهيزاً وتدريباً، لتبقى كما أردتموها جلالتكم سياج الحمى الهاشمي ودرع الوطن الحصين.
وانسجاماً مع إيمان جلالتكم العميق، بضرورة استنهاض الهمم والطاقات ومكامن الإبداع لدى القطاعات كافة، في إطار من مفاهيم راسخة أسستم لها جلالتكم منذ البدايات، وقيم تؤمن بأن لا فوارق بيـن الأردني وأخيه الأردني، إلا بقدر ما يقدم من عطاء وتميز وإخلاص، وفي أي موقع كان، وستواصل الحكومة التعامل بمسؤولية وشفافية وموضوعية مع قضايا الوطن والمواطن ومقتضيات تطوره ونمائه.
والتزاماً بما أكد عليه كتاب التكليف السامي، على صعيد حتمية أن تسير عملية التنمية في مسارات متوازية بما يحقق للوطن إنجازات جديدة على طريق التنمية الشاملة، في ميادينها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فإن من أولى أولويات عمل الحكومة بعد أن تتشرف بثقة جلالتكم، ثم ثقة مجلس النواب الموقر، مواصلة العمل الجاد في هذه الميادين كافة، للارتقاء بالمسيرة الحزبية الهادفة إلى الارتقاء بالوطن، وتعظيم دوره الإيجابي في خدمة الأمة وقضاياها، جنباً إلى جنب، مع استمرار الخطط والبرامج الطموحة، لتحقيق أقصى درجات التقدم والرفاه للإنسان الأردني، أياً كان موقعه، عبر تنمية اقتصادية اجتماعية شاملة، تكفل للمواطن مستوى أفضل من العيش الكريم، وتلبي حاجاته الأساسية في شتى مناحي الحياة، وتنعكس آثارها المباشرة وغير المباشرة ايجابياً، على حياة الأردنيين والأردنيات كافة. وفي هذا المجال ستواصل الحكومة العمل على تنفيذ برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي، كما ستستمر في دفع عجلة التنمية في المحافظات.
كما ستستمر الحكومة في إيلاء الإعلام الأردني عناية خاصة ليستجيب إلى طموح جلالتكم بأن يكون إعلام وطن يؤدي دوره بشكل حضاري يعكس رسالة الثورة العربية الكبرى وإنجازات الوطن الغالي.
وعلى صعيد علاقات الأردن بأمته العربية والإسلامية، وأصدقائه في هذا العالم، فإن توجيه جلالتكم السديد بمواصلة العمل على بناء أفضل العلاقات المؤسسية بين الأردن وسائر الأقطار الشقيقة، سيكون من المبادئ التي تهتدي بها الحكومة في هذا المجال.
وستواصل الحكومة العمل على دعم الشعب الفلسطيني الشقيق وقضيته العادلة، بالتعاون والتنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية والحكومة الفلسطينية، كما ستعمل على تعزيز دور الأردن في مساعدة الشعب العراقي الشقيق على الخروج من محنته، وتمكينه من إعادة الأعمار والبناء على أسس ديمقراطية متطورة، تكفل عودة هذا البلد العربي الجار، عضواً فاعلاً في إطار أسرته العربية، ومنظومة المجتمع الدولي كذلك.
وتتعهد الحكومة بين يدي جلالتكم، بالالتزام التام بما تطمحون إليه جلالتكم من استمرار تعزيز وتدعيم علاقات الأردن مع أصدقائه، وتعظيم المكاسب المشروعة للوطن على هذا الصعيد، وعلى أسس التعاون البناء والاحترام المتبادل، وعبر خطاب سياسي حضاري راقٍ ارسيتم جلالتكم مرتكزاته وشروطه ومواصفاته، خطابٍ حقق نجاحات ملحوظة في الدفاع عن قيم العروبة وسماحة الإسلام، في مواجهة محاولات الإساءة والتشكيك.
مولاي حضرة صاحب الجلالة الهاشمية، يرعاك الله،
في إطار هذه الرؤى الهاشمية المستنيرة، واعتماداً على توفيق الباري سبحانه، ثم بهدي من توجيهاتكم السديدة، وبالتعاون مع مختلف مكونات الدولة والمجتمع، ستعمل الحكومة الجديدة بإذن الله، يداً بيد مع السلطة التشريعية الموقرة، وفي ظل قضاء عادل نزيه، وتفاعل أساسي من جانب مواطننا الكريم، على ترجمة كتاب التكليف السامي إلى حقائق على أرض الواقع بعونه تعالى.
وإذ أرفع إلى المقام السامي، أسماء زملائي الوزراء، بانتظار التوشيح السامي، فإنني أتشرف وباستمرار، شأني في ذلك شأن أعضاء أسرتكم الأردنية الواحدة، برفع تحية العرفان والولاء وخالص الاحترام للسدة الهاشمية الماجدة، ولذات جلالتكم المعظم.
حفظكم الله سيدي، وأمد بعمركم قائداً ورائداً وأملاً لشعبكم الوفي وأمتكم الواحدة،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
خادمكم الأمين
المهندس علي أبو الراغب
عمان، في 20 جمادى الأولى هجرية
الموافق 21 تموز 2003 ميلاديـــــة