بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على النبيّ العربيّ الهاشميّ الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين
معالي الرئيس
الأخوات والأخوة أعضاء مجلس النواب الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى
يا أيها الذين آمنوا لا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا. إعدلوا هو أقرب للتقوى"
صدق الله العظيم
أستهلُّ بحمدِ الله بأن لم يتهم أحدٌ نزاهتنا، ولمْ يشكك أحدٌ في كفاءتنا، ولمْ يلمّح أحدٌ إلى وطنيتنا، فإنْ لم يكن أيّ مما سبق موضوع شكٍ أو ريبة، فالخلاف بيننا إذاً وبين البعض من النخبةِ الكريمة من معارضينا هو خلاف على الحلول، وأيِّ البدائل أفضل، وأيِّ الطرق أيسر وأقصر، وأيِّ الأولويات أسبق. ولذلك تعاظمتْ قناعتنا أنّ العملَ معاً، وبالتشاور الجدي والمخلص، سيقربُ الشُّقة التي تباعدنا، ويكامل جهودنا، ومن هنا كان إصغاؤنا لكلمات نواب الأمة بكلِّ احترام، وبكامل الجديّة، فنحن وأنتم لا ننشد إلا الأفضل والأنسب لبلدنا.
وأودُّ التأكيد أنّ جميع ملاحظات النواب الأفاضل المتعلقة بدوائرهم ومناطقهم الانتخابية تمَّ توثيقها، وسيتم تفريغها صباح غد في جداول وبرامج تضع امام مجلس الوزراء ووضع ما أمكن منها حيز التنفيذ، والرد الحكومي الآن سيكون على الملاحظات التي تتالت وتكررت في كلمات السيدات والسادة النواب كقضايا تحمل طابعاً وطنياً عاماً لا مناطقيا او محليا لان لذلك موضع اخر .
معالي الرئيس
السيدات والسادة نوابُ الأمة المحترمين
لقد ناقشَ عدد من السادة النواب تشكيلة الحكومة، والمشاورات التي سبقتها، وأن ذلك لم يرتقِ لطموح الحكومة البرلمانية المنشودة، ولم يعكسْ فحوى التداولات التي تمَّتْ مع نواب الأمة كتلاً كانوا أم مستقلين، وهو ما أدّى إلى شعور بعض السيدات والسادة النواب بالعتب وأحياناً الغضب والاستنتاج أنَّ في ذلك استخفافاً - لا قدّرَ الله- بنوابِ الأمة والمشاورات التي جرَتْ معهم، ومن حق هذه الحكومة التي اجرت الانتخابات ان تشهد انه اذا كان ضعف فهو من قبيل الاجتهاد وليس المناورة السياسية وهنا أودّ أنْ أؤكدَ لمجلس النواب الموقر، وبما لا يَدَعُ مجالاً للشك، على تقديري الكبير لكلِّ واحد من السادةِ النواب ولمكانته السياسية والتمثيلية والشخصية، ناهيك عن المكانةِ الدستورية المهيبة لمجلسِ ممثلي الشعب، والركنِ الأساسِ في نظامنِا السياسي النيابي الملكي الوراثي، وحرصي الأكيد على هيبةِ مجلس النواب وسمعتِه، لمعرفتي الراسخةِ بنزاهةِ الانتخابات التي أفرزَتْه. كما أؤكد أنَّ هيبةَ مجلسكم الموقرِ من هيبة الدولة الاردنية، فأنتم مَنْ يمثل الشعب الأردني الكبير بتاريخِه وقيمه ومنجزاته.
لقد دخلْتُ المشاورات النيابيةَ بكلِّ عقل منفتح، وبنيّةٍ مُعْلَنَة في تشكيلِ حكومة برلمانية تحقيقاً لطموح جلالة الملك المعظم والشعب الأردني، ولكنني وجدتُ أنّ ذلك متعذر عملياً لأن المشاورات – التي شهدتموها والمسجلة بكاملها - أفضَتْ لعدد كبير من الترشيحات والتنسيبات، فكنتُ أمام خيار الانتقاء من هذه الأسماء على أسسٍ شخصية غير مؤسسية ولا سياسية، وبناءً على هذا الواقع، ولأنني حريصٌ كل الحرص على إنجاح التجربة، اجتهدت , ولكل مجتهد نصيب ,فرأيت أنْ أرجئَ استكمال استحقاق الحكومة البرلمانية إلى مرحلةٍ تتمأسس من خلالها المشاورات حول هذا الأمر التاريخي الجلل وبما يُنجح التجربة ويجنبها الإخفاق الذي إنْ وقع -لا قدر الله- سيستغلّه أعداء الاصلاح أنى استغلال. لقد هدفَتْ التشكيلة الحكومية بعددٍ محدود من الوزراء إلى التعبيرِ العملي الملموس، عن صدقِ التوجه القريب لإحقاقِ الحكومةِ البرلمانية وبالسرعةِ القصوى، ولكن بحكمةٍ ورويّة، وبما يُنْجح التجربةَ الوليدةَ ويعظّم قيمتها المضافةَ لمشروعنا الاصلاحي.
إنني، وبالشراكةِ مع مجلسكم الموقر، أنظرُ لهدف إحقاق الحكومة البرلمانية وإنجاحهِ على أنَّه رسالةُ حكم لا رسالة حكومة فلا تراجع عن ذلك، ونعمل لبنائِه وإحقاقه بكلِّ الحكمةِ وبما يليق بالمجتمع الأردني الكبير. وسأباشرُ، إنْ تشرفت بنيل ثقة مجلسكم الكريم، إلى السيرِ بخطواتٍ ملموسة لاستكمال الحكومة بشقِّها البرلماني وبما يضمن توافقاً مع مجلسكم الكريم خلال الأيام أو الأسابيع القادمة حسب ما تقتضيه العودة إلى الكتل والمستقلين .
وبالتزامن مع ذلك، فإن الحكومة ستباشر بإطلاق الحوارات الوطنية السياسية الهادفةِ ترجمةً لقناعتها أنّ الحوارَ الوطني ضرورةٌ مجتمعيةٌ لإحقاق التوافقات الوطنية المأمولة، وسيكون وسيلتَنا الأساسيةَ للوصولِ لصيغٍ قانونية وسياسية حول القوانين الناظمة للعملية الإصلاحية وفي مقدمتِها قانونا الانتخاب والأحزاب وميثاقُ النزاهة التي يجب ان تنجز بإسرع ما يمكن والحكومة مستعدة ان تقدم مبادرة قانون الصوت الواحد والنظام الانتخابي امام مجلس النواب ، كما وستلتزمُ الحكومة بتعزيز الحريات العامة والحريات الإعلامية وبما يشيع أجواءا من الحرية المسؤولة والرقابة الموضوعية على أداءِ مؤسسات الدولة. ورغم الظروف القاسية في الاقليم فإن هذه الحكومة:
• لم تلاحق صحيفة او صحفيا
• ولم تحاول على الاطلاق التضييق على الاعلام ولا على أية مطبوعة بأية ذريعة
• ولم تحّول اي قضية حريات الى القضاء
• ولم تضّيق على الحريات العامة بكافة اشكالها
• وادامت التشاور والاتصال مع جميع شرائح المجتمع المدني من جميع الاحزاب والنقابات وغرف تجارية وصناعية ومؤسسات ثقافية واعلامية وبشكل متواصل وبوتيرة غيرِ مسبوقة .
السيدات والسادة نواب الأمة الأكارم
جاء الحثّ على مكافحةِ الفساد قيمةً حاضرة في كلماتِ السادة النواب، وهم بذلك يعّبرون عن أَرَقٍ حاضِرٍ في أذهانِ الأردنيين أدّى لفقدانهم الإحساسَ بالعدل، ونحن إذْ نشدّ على أيديكم ونوافقكم إلى ضرورةِ أن تنتهيَ هذه الآفةُ الدخيلةُ على مجتمعنا، لنؤكدّ أنّنا، وبالشراكةِ معكم، سنكافحُ الفساد، وبحزمٍ لا يلين، يقنع المواطنين، وسوف تقوم الحكومة بإطلاع مجلسكم الكريم والرأي العام على جميع الحقائق المتعلقة بقضايا الفساد في اقرب مهلة ممكنة . فنحن لن نرضى إلا أنْ نكون بلدَ نزاهة واستقامة، ومجتمعاً يعلي من ثقافةِ الشفافية، يفاخرُ مسؤولوه بتاريخِهم من النزاهة وبأرصدتِهم المدينة لا المُتْخمة كما كان سابق عهد الرعيل الأول الذي أسسَّ الأردن وجعله منارة ومحطّ فخرنا جميعاً. (رحم الله توفيق أبو الهدى ووصفي التل وعبد الحميد شرف وقاسم الريماوي وسعد جمعة وغيرَهم من الذين استشهدوا مدينين...)
وفي هذا السياق ستعالج مجملُ اوضاع ومِلكية شركة الفوسفات ومجملُ هيكلتها ورسومُ التعدين في ضوء نتائج اعمال المحكمة، ذلك ان اتفاقية بيع اسهم الفوسفات وما تلا بيع الاسهم، اجحف بحق المملكة واساء الى الثقة العامة بما لا يقدر بثمن اقتصاديا واجتماعيا بل وسياسيا وارساء ثقة الشعب بحكومته . وستقوم الحكومة بكل الجهود القانونية والدبلوماسية المتاحة من أجل ان يستعيد الشعب الاردني مقدراته وثروته الوطنية.
أما برنامج التحول الاقتصادي فقد تلقينا تقريرا ضخما من ديوان المحاسبة استغرق اعداده نحو سنتين وسوف يحال الى مكافحة الفساد للتعامل معه. اما سد الكرامة فلجنة التحقيق النيابية لم تنجز ما انيط بها منذ البرلمان الرابع عشر، او الخامس عشر.
إنّ غيابَ العدل والوضوح، في قراراتِ التعيينات وتوزيع المكتسبات العامة للدولة، أدّى لخلقِ حالة من عدم الثقة بمؤسساتِ الدولة الأردنية وحكوماتها، وأدّى من ضمن ما أدّى، إلى أنْ ينظرَ كثيرٌ من المسؤولين لعلاقتهم مع دولتهم من منظور المنفعة لا المواطنة، وفي هذا خطر عظيم، ولّدَ الإحساس بالقهر والغبن، انعكسَ في كلماتِ الكثير من نواب الأمة الذين تحدثوا عن ظلمٍ ونسيانٍ وقعَ على مناطقهم وعائلاتهم وعشائرهم. وإنّ الحكومةَ إذْ تعترف بوجود فجوة الثقة وغياب الإحساس بالعدل في توزيعِ المناصب والمكتسبات التنموية أو الإدارية، لتؤكدَّ أنّ المجتمعَ الأردني لا بدّ أن يمضيَ بإصلاحِ ذلك من خلال ترسيخِ قيم الجدارة والتنافسية، لأن ذهنية المحاصصة - إذا ما انزلقنا إليها لا قدر الله – ستعاكس حكماً تَوْقَ المجتمع الأردني للعدل، وتضرب جهودنا في بناءِ دولةِ الحداثة والقانون. والحكومة تؤمنُ بأنّ تطويرَ معايير توّلي المناصب وتوزيع المكتسبات، وإكسابَها شفافية راسخة، من شأنِه أن يريحَ المواطن ويقنعَه بسوادِ العدل في القرارات، وسيرى مجلسكم الكريم أن نظامَ التعيين على الفئات العليا سيحقق العدالة ويقنع الناس أن الانتقاءَ كان للأكفياء. فلا توريث بعد اليوم، ولا تعيينات مُسْقطة من أية جهة، ولأي سبب كان. وهنا أودُّ أنْ أؤكدَ لمجلسكم الكريم التزامَ الحكومةِ الكاملَ والتامَّ وتحت رقابتكم بأحكامِ نظامِ التعيين على الوظائفِ القيادية؛ حيث أقرّ مجلسُ الوزراء قبل أيام الأوصافَ الوظيفيةَ للوظائف العليا الشاغرة وعددها حوالي 22 وظيفة قيادية وسيتمُّ الإعلانُ عن هذه الوظائف قريباً، وإتاحةُ الفرصةِ لكلّ من يجد في نفسِه الكفاءةَ والقدرةَ للتقدمّ لأيّ منها، وستتمُّ عمليات تقييم المتقدمين على عدةِ مراحلٍ ووفق معاييرٍ مهنيةٍ موضوعيةٍ محايدةٍ ترسيخاً لمبادئ النزاهة والشفافية وتكافؤ الفرصِ في التعيين.
أمّا المطالبة بفتحِ باب التعيينات في الجهازِ الحكومي، فالحكومة اوقفت باب التعيينات منذ فترة الانتخابات النيابية وستعملُ على تمكينِ الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية من التعيين على الوظائفِ الأساسيةِ الشاغرة في ضوءِ الحاجة الفعلية وتَوفّر المخصصات وإعادة فتح باب التعيينات بعد أيام قليلة. والتزمَتْ الحكومة أمام مجلسِكم الموقر بتثبيتِ عمال المياومة والمستخدمين خارج جدول تشكيلات الوظائف الحكومية على ثلاث دفعات، وفي المقابل ستتخذُ الحكومة إجراءاتٍ صارمةً لمنع أيّ شكل من أشكال التعيين خارج جدول التشكيلات والأسس المعمول بها في الخدمةِ المدنية.
وفي مجال إلغاء ودمج عدد من الدوائر والمؤسسات الحكومية وخصوصاً المستقلةَ منها؛ فأشير مجدداً إلى مشروع القانون المُودَعِ لدى مجلسكم الكريم الذي يتضمن إلغاءَ 9 مؤسسات، كما سَيُشكّل هذا القانون حال إقراره وإنفاذه وعاءً قانونياً يستوعب أيّ عملياتِ إلغاءِ مؤسسات أو دمجِها بغيرها مستقبلاً، فضلاً عن صدورِ نظامِ "استحداث الدوائر الحكومية وتطوير الهياكل التنظيمية" الهادفِ إلى ضبطِ البنيةِ التنظيمية والمؤسسية للجهاز الحكوميِ، والحدّ من أي حالاتٍ من التوسع غير المبرر فيها، والحكومة على أتمِّ الاستعداد لتزويد مجلسكم الكريم بتقاريرٍ دوريةٍ حول مستوى الإنجاز في المشاريع الواردة ضمن برنامج عملها.
معالي الرئيس
السيدات والسادة
جاء تركيز الحكومة في برنامج عملِها للسنوات الأربع القادمة على تحفيز الاستثمار وتنفيذ العديد من المشاريع ذات الأولوية في بعض القطاعات الاقتصادية مثل قطاع المياه الذي خُصّصَ له نحو مليار وربع دينار، وقطاع النقل حوالي ثلاثة ارباع المليار دينار، وقطاع الأشغال العامة حوالي ثلاثة ارباع الميار دينار وقطاع الرعاية الصحية حوالي مليار دينار، وقطاع الزراعة حوالي ربع مليار دينار، وذلك لما لهذه القطاعات من دورٍ هام في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي وباعتبارها محركاتِ عمليةِ التنمية الاقتصادية من خلال تطوير البُنى التحتية اللازمة لتعظيم التدفقات الاستثمارية.
ورغم اتساع حجم الاستثمار الوارد في خطة عمل الحكومة والذي من المتوقع أن يصلَ إلى حوالي (7) مليار دينار أردني، فإن ذلك لن يؤثرَ وبشكلٍ سلبي على تفاقم حجم المديونية العامة بل على العكس من ذلك فإن النموَ الاقتصادي المرجو تحقيقه من خلال تنفيذ هذه المشاريع التي ستعتمد بشكلٍ كبيرٍ على المنحة الخليجية سوف يؤدي إلى تدني نسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي، وبالإضافة إلى ذلك سوف تعمل الحكومة على إدارة عملية الدين بشكلٍ حصيف من خلال توسيع تطبيق أدواتٍ جديدةٍ للاقتراض الخارجي مثل إصدار سندات اليورو بوندز، واستغلال ضمانات القروض الأمريكية، وإصدار الصكوك الإسلامية والذي يتسم بالتعامل مع أسعار فائدةٍ أقلَّ مقارنةً بالاقتراض من السوق المحلي، الأمرُ الذي سوف يعزز من حجم السيولة المحلية ويخفف من حدة المزاحمة مع القطاع الخاص على التسهيلات الائتمانية الممنوحة من قبل البنوك، وذلك بهدف تعظيم دور القطاع الخاص بمؤسساته الكبيرة والمتوسطة والصغيرة. ومن ناحيةٍ أخرى، وبهدف تعظيم حجم التدفقات الاستثمارية وتسريعِ وتيرةِ النمو الاقتصادي سوف تعمل الحكومة على تحرير الأسواق لبعض القطاعات الاقتصادية الأمر الذي سيوفر المزيد من فرص العمل وتشغيلَ الشباب بالإضافة إلى توفير موارد مالية إضافية لخزينة الدولة.
إنَّ شأنَ ارتفاع أسعار الكهرباء كان حاضراً في كلمات السادة النواب وأودّ بهذا الصدد أنْ أوضحَ بأن مديونيةِ شركة الكهرباء الوطنية ستزداد بحوالي مليار وربع المليار دينار سنوياً واقول سنويا؛ وبالتالي زيادة المديونية العامة سنويا بهذا المقدار، ما سَيُفقِد الشركة القدرة على تزويدِ الطاقةِ الكهربائيةِ بشكلٍ مستمر، وستضطر إلى الانقطاعِ المبرمجِ للتقليلِ من الخسائر وهذا ما لا نريده جميعاً. ولكن احتراماً لما طالبَ به عديد من نواب الأمة، ف إنّ الحكومةَ لن تُقدِمَ على معالجةِ هذا الخلل الاقتصادي إلا بالتشاورِ والتوافقِ مع مجلسكم الكريم،ان شئتم توجيهنا لايجاد البدائل وبعد دراسةِ كافة الحلول المقترحة والبدائل المتاحة، وبشراكةٍ حقيقيةٍ، وبما يحمي الطبقات الفقيرة والمتوسطة الدّخل.
وبالنظر إلى التركيزِ الذي أبداه بعض السادة النواب فيما يخصُّ الاستثمار في قطاع الطاقة، فقد شملَ برنامج عملِ الحكومة على مشاريعٍ بقيمة حوالي (894) مليون دينار، حيث أولى البرنامجُ الاهتمامَ الكبيرَ بمشاريعِ الطاقةِ المتجددة فخصص لها (26%) من مخصصاتِ القطاع وكذلك رصدَ التمويلَ اللازم لمشاريع التنقيب عن الصخر الزيتي وغيرها من مشاريع استكشاف مصادر الطاقة المتنوعة، وكذلك مشاريعِ الطاقةِ المُنفّذَةِ بالشراكةِ مع القطاع الخاص.
وتبذلُ الحكومة كاملَ جهدها لتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء من الطاقةِ الشمسية وطاقةِ الرياح، فبحلول عام 2016 حيث سيتمّ تنفيذ مشاريع باستطاعةِ 650 ميجاوات، كما يُعتبر توليد الكهرباءِ بواسطةِ النفايات الصلبة إحدى الفرص المطروحة لاستثمار القطاع الخاص ولا يمكن في ضوءِ المعطيات الحالية بناء أكثر من 150 ميجاوات لتوليد الكهرباء من هذا المصدر. وستمضي الحكومة في تيسيرِ كافة السّبل المتعلقة بتنفيذِ مشروع خطِّ النفط العراقي والذي سيعود بالمنفعةِ الاقتصادية على القطاعات الاقتصادية كافة وعلى الاقتصادِ الوطني بشكلٍ عام.
ويسرني أن أعلنَ أنّ توقيعَ اتفاقية التفاهم بين العراق والأردن لأنبوب النفط من البصرة إلى العقبة قد تمَّ (أي التوقيع) يوم 15/4/2013 ، أي أثناء مداولات الثقة هذه، وسَيُنجز الخط بنهاية عام 2016.
وعلى الصعيد الاقتصادي، فإنني أتفق مع السادة النواب المحترمين بإن الوضع الاقتصادي الذي وصلنا اليه هو نتيجة سياسات خاطئة تراكمت عبر عدة حكومات متعاقبة، وانني لا أتنصل من المسؤولية بحكم ان المسؤولية الحكومية مستمرة ونتحمل جميعا مسؤولية بما وصلنا اليه وعلينا جميعا وبالتعاون مع مجلسكم الكريم الوصول الى حلول لهذا الوضع، لذا فإن هناك العديدَ من القوانين التي تنظمُ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتشريعاتِ الناظمةِ للمنافسة والتي من شأنها تفكيكُ بعض الاحتكارات القائمة، وسيتمّ الدفع بها إلى مجلسِ النواب خلال فترة لا تتجاوز العام. وستعمل الحكومة على تقليل الفوارق التنموية بين المحافظات وتوزيع مكاسب التنمية بعدالةٍ من خلال تقديم الدعم الفني والمالي المتاح بهدف إقامةِ مشاريعَ إنتاجيةٍ في المحافظات كافة، واعتماداً على الطلبات المقدمة من أجل المساهمة في الحدِّ من مشكلتي الفقر والبطالة. كما ستقوم الحكومة بتقديمِ مشروع قانون ضريبة الدخل والمبيعات وبما يحققُ قدراً أكبر من التصاعدية التي نصَّ عليها الدستور، وبما يعززّ قدرة الدولة على كبحِ التهرب الضريبي وانه لن يكون هناك نفوذ لاصحاب المصالح ولا ضغوط علينا في هذا المجال ولككنا سنكون منفتحين على الاراء .
اما بخصوص قانون الزكاة، فقد قُدم مشروعُ قانون الزكاة من وزارة الاوقاف عام 1998، ولم تستكمل اجراءات اصداره في حينه، وفي بداية عام 2013 قررت الحكومةُ السير بإستكمال اجراءات اقراره ليتم ارساله الى مجلسكم الكريم.
وستستمرُ الحكومة بدعمِ مادتي القمح والشعير دون نقصان ، حيث تمّ رصد مبلغ ربع مليار دينار في موازنة عام 2013 لهذه الغاية، كما ستقوم بتوجيه الدعم لمستحقيه من خلال دعم الخبز بدلاً من دعم الطحين، ومن خلال آليات جديدة، حيث سيتمّ الحفاظ على سعرِ الخبز ولجميع المواطنين. وتدرسُ الحكومة حالياً اعتماد البطاقة الذكية في إيصالِ دعم الخبز لمستحقيه وبنفس السعر لجميعِ المواطنين، وستتدخلّ في حال انفلات أسعار الموادِ الأساسية، وذلك بوضعِ سقفٍ سعري في حال وجود خلل في سعر أيّ مادة، ليضاف إلى دور المؤسستين الاستهلاكية المدنية والعسكرية اللتين تعتبران صمام أمانٍ حال وجود خلل سعري في السوق. وقد تمّ الاتفاق مع جمعية مصدري الخضار والفواكه على تسويق المنتجات الزراعية المحلية في جميع فروع المؤسسة وبسعرِ الكلفة. كما تقوم المؤسسة بإرسالِ سيارات بيعٍ متنقلة إلى المناطقِ النائية التي لا يتوفر فيها أسواق للمؤسسة ضمن برنامج زمني.
وفيما يتعلق بحماية المستهلك، فقد قامَت ْ الحكومة بإقرارِ قانون عصري جديد لحماية المستهلك، وهو مودع لدى مجلسكم الكريم، تمّ من خلاله، إضافةً إلى الدور الحكومي، منح المزيد من الصلاحياتِ لجمعيات حماية المستهلك، تمثلَتْ في تلقي شكاوى المستهلكين والتحقق منها، والعملِ على إزالةِ أسبابها، ومتابعةِ الدعاوى التي تتعلق بمصالحِ المستهلكين أو التدخلِ فيها، وتمثيلِ المستهلكين لدى الجهات الرسمية وغير الرسمية، إضافة إلى معاونة المستهلكين الذين وقعَ عليهم ضرر أو ظلم. وحول موضوع إعادة إحياء وزارة التموين، فالهدف المرجو هو مراقبة مخزون السلع، والرقابةُ على الأسواق، وضبطُ الأسعار، وإجراءُ الدراسات القطاعية اللازمة للمواد الغذائية، وتطبيقُ التشريعات الناظمة للسوق، ومتابعةُ مدى التزام التجار ومختلفِ الجهات المزوِّدة للسوق بها.
وبهدفِ دعم المزارعين، ستقوم الحكومة بشراءِ الحبوب المُنْتَجة محلياً بأسعارٍ تشجيعيةٍ للمزارعين، حيث سيتمّ شراء طنّ القمح بمبلغ 370 دينار وطنّ الشعير بمبلغ 320 دينار أي بزيادة مقدارها (36%) عن الأسعار العالمية. كما تقوم الحكومة حالياً، من خلال وزارة الصناعة والتجارة والتموين ووزارة الزراعة، بدراسةِ توحيد أسعار الأعلاف المخصصةِ للأغنام والأبقار، بحيث يشمل الدعم كلا القطاعين. كما تمّ، خلال الفترة الماضية، إعفاءُ جميع مدخلات الإنتاج الزراعي من الضريبة العامة على المبيعات.
اما بيع مصنعي الاغوار والمفرق للمنتجات الزراعية، ولمادة رُب البندورة، فستدرس الحكومة إمكانية استعادة المصنعين، بعد دراسة اللجنة الزراعية النيابية مع الحكومة في هذا الشان..
معالي الرئيس...النواب الأكارم
وفيما يختص بالانتخاباتِ البلدية الذي ورد في عدد من كلمات السادة النواب، فإن الحكومةَ جاهزة لإجراء الانتخابات قبل النصف الأول من شهر أيلول المقبل وفقاً لقانونِ البلديات الحالي، وسيتمّ إناطةُ استحداث بلديات جديدة بالمجالسِ البلدية الكبرى بعد التشاورِ مع المجتمع المحلي وضمن معاييرٍ وأسسٍ محددة. كما أنّ الحكومة على استعدادٍ لإعداد قانونٍ جديد للبلدياتِ يعززُ اللامركزية والمجالس المحلية.
وفي مجال التربية والتعليم، ستواصلُ الحكومة تطبيقَ نظام حوافز رتب المعلمين المرتبطِ بالتميزِ والإنتاجِ والإبداعِ في العمل والتطور المهني والأكاديمي، وتوفيرَ بَعَثات دراسيةٍ للطلبة (مكرمة أبناء المعلمين) إلى الجامعاتِ الأردنية الرسمية؛ و تقديمَ قروض ميسّرة متعددة الأغراض للمعلمين، من خلال صندوق إسكان التربية وصندوق ضمان التربية، كما سنعمل على مراجعةِ الممارسات والأنظمة والتعليمات والأسس المعمول بها للحفاظ على هيبة المعلم، وتوفير بيئة تعليمية صحية خالية من العنف. وقبل بدء العام الدراسي القادم، ستعمل وزارةُ التربية والتعليم بالتنسيقِ مع ديوانِ الخدمةِ المدنيةِ ودائرة الموازنة العامة على تعبئةِ الشواغر المستحدثةِ وشواغرِ بدل الانفكاك الدائم، مع مراعاة تنفيذ برنامجِ تهيئةِ المعلمين الجُدد لمدة أربعة شهور قبل دخول المعلم الغرفة الصفية. وأمّا امتحانُ الثانوية العامة، فستعمل الحكومة، وبالتشاورِ والتشاركِ مع الجهات المعنية ومجلسكم الكريم، على تطوير الامتحان من حيث الآلياتُ والمضمونُ، ليكون امتحانا تقويميا يحققُ أعلى درجات الموضوعية والصدقية والعدالة، والانتقالَ من قياس أساسيات المعرفة (التحصيل) إلى قياس القدرات والعمليات العقلية العليا، وفق أفضل المعايير العالمية وصولاً إلى توظيفِ المعرفة وإنتاجها، وذلك بالتزامن مع توجه الحكومة إلى اختصارِ مسارات التعليم إلى أكاديميٍّ وتقني، وتقليلِ عدد أوراق الامتحان، وتبسيط إجراءات تقديم الامتحان، دون المساس بقيمةِ الامتحان باعتباره مرحلة تقويمية تحقق العدل والمساواة، وسيتمّ إقرار الصيغ النهائية للامتحان في ظلِّ التوافق والتشاور مع مجلسكم الكريم.
وفيما يتعلق بتأهيلِ الأئمةِ والوعاظ؛ فسيتم تفعيل دَوْر معهد الملك عبد الله الثاني لإعداد الدعاة وتأهيلهم وتدريبهم لغايات رفع كفاءةِ الأئمة والوعاظ والارتقاء بالخطابِ الدَّعوي المُعاصر، كما سيتم وضع خطة عمل لتسويق مقامات الصحابة الكرام والمواقع الأَثريّة الدينية في المملكة بما يُنَشِّط السياحة الدينية ويُسَوِّق الأردن داخلياً وخارجياً.
أمّا بالنسبةِ لمشاريع الطرق لعام 2013 والتي تطرّق لها العديد من السادة النواب في كلماتِهم، فإنَّ كلفةَ مشاريع الطرق الرئيسة التي باشرَتْ بها وزارة الأشغالِ العامة والإسكان ولا زالَتْ قيد التنفيذِ في جميعِ محافظات المملكة هي 400 مليون دينار، وهنالك مشاريع طرحت الاسبوع الفائت وسَيُباشَر العمل بها في صيفِ العام الحالي بقيمةِ 230 مليون دينار، ومن شأن اطلاق هذه المشاريع إعادةُ تحريك عجلة الاقتصاد بوتيرة متسارعة ستكون بلا شك بداية عودة النمو الاقتصادي الفعلي. وفيما يخصّ مشاريعَ الطرقِ القرويةِ والزراعيةِ، فإن الوزارة باشرَتْ بتنفيذِ مشاريعٍ بقيمةِ 11,5 مليون دينار، وهي الآن بصدد البدء بمشاريعٍ بشهر حزيران القادم بقيمة 9 مليون دينار، علماً بأنَّ كلفة تنفيذ جميع مشاريع الطرق هي من مخصصات المنحة الخليجية.
السيدات والسادة النواب الكرام
وفيما يتعلق بالواجهات العشائرية، لم تبتْ اللجنة، التي يرأسها وزير الداخلية بأيّ من الطلبات المقدمة؛ مع الإشارة إلى أنَّ اللجنة استقبلَتْ 3200 طلباً تقريبا خلال السنوات السابقة وتبيّن بأنّ عدداً من الطلبات مشروع وبعضَها ليس كذلك، وستعمل اللجنة على التعامل مع هذه القضية المعقدة بكلِّ عدالة ونجاعة.
أمّا عن سياسة التعامل مع المسيراتِ، فإن سياسةَ الحكومة والأجهزة الأمنيةِ واضحةٌ وثابتة، لم تتغيرْ في التعامل مع المسيرات السلمية والاستمرار في توفير الأمن والحماية للمواطنين المشاركين، وإن دوْرَ الأجهزةِ الأمنية هو التصدي لكلِّ من تسوّلُ له نفسُه بالاعتداء على المسيرات، فلن نسمحَ لأيّ أردني بالاعتداء على آخر بسبب خلاف في الرأي، وسنمنع أيّ احتكاك بين الفعاليات المختلفة لخلق أعلى درجة من الأمن والأمان فيها مؤكدين على الاستمرار في التعامل الحضاري مع المسيرات والحراك السلمي، وهذا هو نهج الدولة الأردنية الذي أصبح نموذجاً محترما على مستوى الإقليم.
أمَا عن ملف الأرقام الوطنية، فهو شأن وطني تدرك الحكومة حساسيته وسياديته، وهي تتعامل معه ضمن رؤيةٍ محُورها الأساسيُ الحفاظُ على الهوية الفلسطينية في الضفةِ الغربية، وبما يتوافق مع دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، والوقوفُ أمام الإجراءاتِ الإسرائيلية المتكررةِ والهادفةِ إلى إفراغِ الضفة الغربية والقدس من سكانها الأصليين وطمس الهوية العربية فيها. وتحقيقاً لهذه الغايات؛ تمّ تشكيل لجنة وزارية لدراسة الطلبات المقدمة من الأشخاص الذين سُحِبَتْ أرقامُهم الوطنية نتيجة تطبيق تعليمات قرار فك الارتباط عليهم. واعلن لكم انه لن يتم سحبُ أو إعادةُ الرقمَ الوطني لمنْ انطبقَتْ عليه تعليمات قرار فك الارتباط إلا من خلال اللجنة الوزارية التي أُعيدَ تشكيلها قبل اسبوع برئاسة معالي وزير الداخلية لتضم أصحابَ المعالي وزيرَ التعليم العالي والبحث العلمي ووزيرَ التربية والتعليم ووزيرَ الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية ووزيرَ العدل ووزيرَ دولة لشؤون رئاسة الوزراء ووزيرَ دولة لشؤون الإعلام ووزيرَ الشؤون السياسية والبرلمانية ووزيرَ التنمية الاجتماعية، ولا يحق لها ولا لغيرها سحب الأرقام الوطنية إلا بموافقة مجلس الوزراء، كما لا يحق لها ولا لغيرها إعادة الأرقام إلا بموافقة رئيس الوزراء واؤكد ان قرار فك الارتباط لا يزال ساري المفعول وقائما واي اختلاف في الراي يتعلق بالتنفيذ ولا مانع لدي من ارسال أي قرار قطعي بسحب الارقام الوطنية الى اللجنة الادارية او أي لجنة اخرى في مجلس النواب للتاكد من صحة العملية .
إن هذه الحكومة ستطبق العدل على الجميع، فلا هي حكومة سحب ارقام وطنية ولا حكومة رش الارقام الوطنية. ولن يظلم احد باذن الله ... فالظلم ظلمات.
معالي الرئيس ... النواب الأفاضل
تولي الحكومة قضيةَ الموقوفين والسجناء ومسلوبي الحرية من الرعايا الأردنيين في الخارج الاهتمام البالغ، انطلاقاً من الحرص على تأمين الرعاية والحماية لهم، وضمان تلقيهم المعاملة الإنسانية اللائقة. وتبذلُ كلّ ما في وسعها للإفراج أو العفو عن هؤلاء المواطنين أو تخفيض مدة عقوبتهم، وإمكانية قضاء ما تبقى لهم من عقوبةٍ في السجونِ الأردنية. وفي هذا السياق لا بدّ من الإشارة إلى أنّ وزيرَ الخارجية وشؤون المغتربين قامَ بالتنسيقِ مع معالي وزير الخارجية العراقي لترتيب زيارة لوفدٍ أردني يضمّ مسؤولين من وزارة الخارجية وشؤون المغتربين ووزارة العدل إلى بغداد خلال الأسبوع القادم، لإجراء مباحثات مع الجهات العراقية المعنية، لوضع برنامج نهائي لإقفال هذا الملف، وبشكلٍ يضمن إنهاء معاناة السجناء والمعتقلين الأردنيين في العراق، ضمن إطارٍ زمنيّ متفق عليه وذلك كما وعد دولة رئيس وزراء جمهورية العراق لدى زيارته الاردن. وتبذل الحكومة من خلال وزارة الخارجية جهوداً مضنية وإتصالاتٍ مكثفة ومتابعة حثيثة مع الجانب الاسرائيلي فيما يتعلق بالمعتقلين الأردنيين في السجون الاسرائيلية، وسفارتنا في إسرائيل على اتصالٍ دائم مع المعتقلين الأردنيين للاطمئنان على أوضاعهم فضلاً عن الاتصال بذويهم لطمأنتهم على أحوالهم.
إن الأردن لا يألو جهداً في الدفاعِ عن القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية من محاولات تغيير الطابع الديني للمدينة، حيث تقوم الحكومة، من خلال وزارة الخارجية وشؤون المغتربين وكادر وزارة الأوقاف في الحرم القدسي الشريف، برصدِ وتوثيقِ جميع الأعمال والانتهاكات التي تقوم بها إسرائيل، والتدخلِ النَشْطِ لوقف تلك الانتهاكات المرفوضة، وتمّ مؤخراً توجيه رسائل لكافة القوى والمنظمات الدولية حول التصعيد الإسرائيلي في الحرم القدسي الشريف، تضمنَتْ رفض الأردن وإدانته للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة في المسـجد الأقصى المبـارك والأماكن الإسـلامية والمسيحية المقدسة في القدس الشرقية، ومطالبةَ مجلس الأمن واليونسكو بتحملِّ مسؤولياتهما، والتشديدَ على أنّ الاستفزازات الإسرائيلية قد تؤدي إذا سُمحَ لها بالاستمرارِ، إلى وضعٍ يهدد الأمنَ والسلمَ الدوليين.
ان الاتفاقيةَ الأخيرة، حول حماية القدس والمقدسات، التي وقّعَها صاحبُ الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم - حفظه الله- مع الرئيس الفلسطيني، ونصَّتْ على اعتراف واحترام الجانب الفلسطيني بصفة جلالة الملك ودوره كصاحب الوصاية وخادمِ الأماكنِ المقدسة في القدس، هي تثبيتٌ وتأكيدٌ على واقع تاريخيّ ودينيّ وسياسيّ وعمليّ موجود على الأرضِ، استدعى إعادة التأكيد على الدور الأردني الهاشمي نظراً لتزايد الانتهاكات، والاستفزازات والأطماع الاسرائيلية في القدس الشريف.
وانطلاقاً من محورية القضية الفلسطينية ومركزيتها، فإنّ الاردن يلعب دوراً أساسياً في الجهود الحالية لإعادة إطلاق مفاوضات جادة تعالج قضايا الحلّ النهائي كافة، من خلال المشاورات التي أجراها جلالة الملك مع الرئيس الامريكي باراك أوباما ووزير خارجيته كيري أثناء الزيارة الأخيرة للمملكة الشهر الماضي،وسيثيرها يوم الجمعة القادم لدى لقائه الرئيس الامريكي ان شاء الله خلال اللقاء الثاني بين الزعيمين في اربعين يوما وسيستمرّ الأردن بدعمِ المفاوض الفلسطيني لنيل حقوقه كافة، وفق قرارات الشرعية الدولية، انطلاقاً من ارتباط العديد من قضايا المفاوضات والحلّ النهائي بالمصالح الحيوية الأردنية، وتحديداً القدسُ واللاجئين وحقُّ العودة وغيرها.
أما اللاجئون وقضيةُ حق العودة، فإنَّ موقفَ حكومة المملكة الأردنية الهاشمية من حقِّ العودةِ والتعويض هو موقفٌ ثابتٌ، لم يتغيرْ على مدى فترة الصراع العربي الإسرائيلي، والمتمثلُ بضرورةِ أنْ تتمَّ معالجةً شاملةً وعادلةً لقضية اللاجئين الفلسطينيين، من خلال إيجاد حلّ عادل متفق عليه، وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 والذي ينص على حق اللاجئين بالعودة والتعويض.
وأمّا بالنسبة للأزمة السورية، فإنَّ الأردن تعامل مع هذا الملف منذ البداية وبشكل يتفق مع مواقفه القومية والتاريخية والانسانية التي يفخر بها فحرص على استقبال المهجرين السوريين الذين اضطرتهم الظروف الناجمة عن العنف المتزايد في سوريا الى الهرب من لهيبه نحو هذا البلد الذي وهبه الله نعمة الامن والاستقرار والذي كان وسيبقى موئلا لكل الاشقاء الذين لجاوأ اليه باحثين عن الملاذ الامن لهم ولاطفالهم ونسائهم .
واؤكد هنا ان الاردن متمسكٌ بضرورةِ إيجادِ حل سياسي يوقف معاناة الشعب السوري، ويلبي طموحاته المشروعة في الحريةِ والكرامةِ والديمقراطية، ويضمن وحدةَ سوريا الترابيةِ وسيادتَها على أراضيها. وأؤكدُ هنا، أنَّ التداعيات الإنسانية للأزمة قد فاقَتْ قدرات الأردن وشكلت ضغطا كبيرا على موارده الصحية والتعليمية والبنى التحتية فضلا عن مزاحمة الشباب الاردني على فرص العمل في العديد من المحافظات ومما يزيد من حجم المشكلة ضعف حجم المساعدات التي لا تتناسب والضغوطات والأعباء الناجمة عن استضافة الأعداد المتزايدة من السوريين، مما أصبح يشكلّ تهديداً على الأمن الوطني الأردني. وعليه، فأن الحكومة بدأَتْ بمشاوراتٍ مع الدول الفاعلة بهدفِ دفع المجتمع الدولي بتحملّ مسؤولياته، وتحديداً من خلال مجلس الأمن وان قرار مجلس الوزراء بالتوجه الى مجلس الامن جرى تنفيذه هذا اليوم ، والعمل على معالجة الوضع الغذائي والصحي والإنساني داخل سوريا بهدفِ الحدّ من النزوح عبر الحدود.
وبشان مخاوف البعض من تدخل الاردن في الشان السوري اؤكد هنا على موقف الاردن وسياسته الثابتة على مر التاريخ بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لاي دولة كانت فسوريا دولة جارة وشقيقة ونحن حريصون كما اسلفت على وحدتها واستقرارها وايجاد حل يضمن وقف نزيف الدم الجاري هناك وتوفير الظروف الكفيلة بعودة اللاجئين السوريين ِ الى وطنهم .
معالي الرئيس
أصحاب المعالي والسعادة نواب الأمة الأجلاء
أقفُ أمامكم اليوم، وأعضاءَ الفريق الوزاري، ننشد ثقتكَم بعد أنْ استمعنا بكلِّ إكبار لمناقشات السيدات والسادة النواب لبيان الحكومة، ولنقول لكم، أنّنا وإياكم، أمام فرصة تاريخية عظيمة، لكي ننهضَ ببلدنا الكبير إلى مستوى الطموح الذي يتطلع إليه الأردنيون، ويحقق النهضة والحداثة الشاملة، وقد بدأَتْ بالفعل إرهاصات من ذلك تبان للعَيان من خلال ما حملت مداولاتُ الثقة على مدى الأيام الماضية، والتي أسجلّ للتاريخ، وأمام الأردنيين كافة، أنّها لم تحملْ إلا معاني التداول السياسي البرامجي المسؤول والنظيف والمرموق، وبما يليق بالأردن وشعبه، فلم يَشُبهْا أية مساومات أو مقايضات مصلحية، فلا نحن عَرَضْنا شيئاً،وعدا لمنفعة شخص ولا أنتم طلبتُم شيئاً من ذلك مقابل الثقة، فقد كنتم كباراً كما الشعب الذي انتخبَكم، والانتخابات النزيهة التي أفرزَتْكم، وإن المنحى البرامجي والسياسي الذي اتّخذَتْه تداولاتُ الثقة، لهو بداية مسؤولة، وتطبيق عمليّ للنهج الجديد الذي ستتبناه سلطاتُ الدولة، والذي من شأنه أن يعيدَ للقيم السياسية الأردنية قيمها من النزاهة والاستقامة والمسؤولية.
نواب الأمة الأكارم، ننشد ثقتكم في حكومةٍ تسعى، وبالتشارك الحقيقي مع مجلسكم الموقر، لتقديم مزيد من الخطوات الإصلاحية الجريئة والملموسة، وضمن خطاب سياسي يستجيب للمرحلة ويعي متطلباتها، حكومةٍ تعلن وتنشد استكمالَ واستحقاقَ الحكومة البرلمانية ضمن إطار زمني واضح وقصير وهي من المصداقية بأن اعترفَت بالتراجع في قيم العدالة والجدارة والنزاهة، وتطمح لذلك، وبالتكامل معكم نوابَ الأمة، لإعادة ترسيخ وإحقاق الهيبة لهذه القيم ولمؤسسات الدولة وكفاءتها، فنحن وأنتم أصحاب رسالة في إنجاح التجربة الإصلاحية الديمقراطية، وإقناعِ المواطن أننا منه وإليه، ندرك وجعَه ونستجيب إليه.
إخواتي وأخواتي
أختم بحمد الله كما إفتتحت ، بأن لم يتهم أحدٌ نزاهتنا، ولمْ يشكك أحدٌ في كفاءتنا، ولمْ يلمّح أحدٌ إلى وطنيتا، فإنْ لم يكن أيّ مما سبق موضوع شكٍ أو ريبة، فالخلاف بيننا إذاً وبين البعض من النخبةِ الكريمة من معارضينا هو خلاف على الحلول، وأيِّ البدائل أفضل، وأيِّ الطرق أيسر وأقصر، وأيّ الأولويات أسبق. ولذلك تعاظمتْ قناعتنا أنّ العملَ معاً، وبالتشاور الجدي والمخلص، سيقربُ الشُّقة التي تباعدنا، ويكامل جهودنا، ومن هنا كان إصغاؤنا لكلمات نواب الأمة بكلِّ احترام، وبكامل الجديّة، فنحن وأنتم لا ننشد إلا الأفضل والأنسب لبلدنا.
والحمد الله اولا واخيرا وفي كل حين وحال...
قال الله تعالى( إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) صدق الله العظيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته