بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد النبي العربي الهاشمي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
معالي الرئيــس
النواب المحترمون
اسمحوا لي بداية أن أتوجه لكم جميعاً بالشكر الجزيل لما أبديتموه من أفكار نيرة وآراء سديدة وما بذلتموه من جهد مخلص وصادق في التفاعل مع قضايا الوطن والمواطن.
لقد تابعت وزملائي الوزراء بحرص كبير واهتمام بالغ مداخلاتكم ونصحكم من خلال مناقشتكم لخطط وبرامج الحكومة والتي تناولت جل القضايا التي تهم مصالح وطننا الغالي، مؤكداً لكم أننا بحاجة مستمرة لنصح ومشورة كل واحد منكم تكاملاً للجهود المشتركة في عملية التحسين والتطوير من أجل رفعة شأن الأردن وتعزيز مكانته نحو مزيدٍ من الرفاه والعيش الكريم لأبناء وطننا العزيز.
معالي الرئيـــــــس
النواب المحترمون
إن برنامج الحكومة الذي يترجم بنود خطاب العرش السامي إلى خطط عمل واضحة ومحددة لضمان زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة المواطن أينما كان في وطننا العزيز، يعد بمثابة خطةٍ شموليةٍ لمختلف القطاعات وبرنامج عمل تفصيلي وفق أطر زمنية محددة.
إن الحكومة وهي تنهض بمسؤولياتها الدستورية ستبقى على تواصل مع مجلسكم الكريم لمتابعة الانجاز أولاً بأول معززين بذلك روح التعاون المطلق والتفاعل الايجابي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ومستلهمين من مولاي صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم (حفظه الله) العزم والتصميم في ترسيخ أركان الديمقراطية ومشاركة الجميع في تطوير مسيرة وطننا الغالي .
وستولي الحكومة ما ورد في كلمات النواب المحترمين كل اهتمام وستعمل ضمن برامجها وخططها على تنفيذ ما أمكن منها وحسب الإمكانات المتاحة.
واسمحوا لي أن أتطرق إلى أهم ما ورد في مداخلاتكم ومناقشاتكم خلال الأيام القليلة الماضية مؤكدا بأنها كلها موضع اهتمام الحكومة وأنها ستدرس بكل عناية.
إن الحكومة مؤمنة إيماناً عميقاً بسياسة الاعتماد على الذات واستخدام الموارد المتاحة وتوزيعها بصورة عادلة وانتهاج سياسةٍ ماليةٍ تسعى لتخفيض عجز الموازنة ومعالجة الاختلالات والتشوهات للحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي وصولاً باقتصادنا الوطني إلى مستوىً عالٍ من الثبات والأمان الاقتصادي والاجتماعي، وأؤكد هنا بأن الحكومة وبناء على التوجيهات الملكية السامية بتوفير هذا الأمن الاقتصادي والاجتماعي ملتزمة بتطبيق شبكة الأمان الاجتماعي التي ستضمن زيادة الرواتب للعاملين في القطاع المدني والعسكري والمتقاعدين من هذين القطاعين ومتقاعدي الضمان الاجتماعــي
ومتلقي المعونة الوطنية بدرجات مختلفة تركز بشكل أساسي على حماية وتعويض ذوي الدخل المحدود.
ومن هذا المنطلق فإن سياسة الحكومة في رفع الدعم عن بعض السلع والإجراءات المتعلقة بذلك تصب في مصلحة الوطن والمواطن بحيث يوجه هذا الدعم إلى المواطن المستحق بدلا من السلعة، وهي ليست كما يظن البعض إملاءات خارجية، بل هي متطلباتٌ وطنية تتوافق تماماً مع توجهات واستراتيجيات المملكة.
إننا نؤمن بأن انعكاس النمو الاقتصادي على مستوى معيشة المواطن يتطلب بعضاً من الوقت وإننا حريصون على أن يصل هذا النمو إلى كافة المواطنين وأن يغطي كافة مناطق المملكة. ومن هنا فإن الحكومة ستواصل الاهتمام ببرنامج تنمية المحافظات من خلال الزيارات الميدانية لجميع محافظات والوية المملكة والاطلاع عن كثب على تنفيذ البرامج والمشاريـع التنموية ومعالجة الصعوبات والعراقيل التي تعترض سير العمل بأسرع وقت ممكن ، مما سيساعد الفئات الأقل حظاً أو رعايةً ويوفر بيئةً تنموية متوازنةً بين كل الأقاليم.
أما فيما يتعلق بالاختلالات في السوق والزيادة في أسعار بعض المواد الأساسية فإن الحكومة ستتخذ إجراءات فورية لمعالجة هذه الاختلالات في عمل آليات السوق وتنظيم عمل مراقبة الأسواق، كما ستقوم بتكثيف تواجد مراقبي الأسواق في الميدان ضمن جولات تفتيشية يومية ومتابعة الرقابة على المستودعات الغذائية والحفاظ على مخزون كاف من المواد الأساسية وبأسعار مناسبة.
كما ستقوم بتحليل دوري لأسعار المواد الضرورية واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتوفرها بأسعار معقولة ومن خلال إعادة النظر في الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات على هذه السلع الأساسية.
وستستمر المؤسسة الاستهلاكية المدنية بخدمة المواطنين من خلال بيعها للسلع الأساسية وبأسعار تقل عن أسعار السوق بنسب جيدة ، كما تعد الحكومة مرة أخرى أن يتم توفير السلع الأساسية في المؤسسة الاستهلاكية المدنية والالتزام بثبات أسعارها خلال عام 2008.
معالي الرئيـــــــس
النواب المحترمون
وما بين اليوم الذي تلوت فيه على مسامع مجلسكم الكريم خطط وبرامج الحكومة لنيل الثقة وبين يومنا هذا قامت الحكومة بتوقيع اتفاقية لمبادلة الدين الالماني باستثمارات وبنسبة خصم (50%) ويعد ذلك استكمالا لجهود الحكومة باستغلال المبالغ المؤهلة للمبادلة مقابل استثمارات.
كما قامت مؤخرا بتوقيع اتفاقية مع الجانب الصيني للبدء بتنفيذ مستشفى البقعة بكلفة (15) مليون دينار وبسعة (100) سرير قابلة للتوسعة إلى (200) سرير. وقد قامت وزارة الصحة بأعمال البنية التحتية تمهيدا لتنفيذ المشروع.
وتنفيذا للإستراتيجية الشاملة في قطاع الطاقة فقد تم في هذا اليوم طرح عطاء أول مشروع لبناء محطة توليد للطاقة الكهربائية بواسطة الرياح في الكمشة / جرش وبقدرة (30 - 40) ميجاواط . كما باشرت الحكومة مفاوضاتها التفصيلية حول الاتفاقية التجارية مع شركة شل العالمية لاستغلال الصخر الزيتي العميق لإنتاج النفط.
وفي موضوع الحليب المدرسي والذي هو جزء من وجبة للطالب تتكون من البسكويت والتمر والفاكهة والحليب وبالرغم من نتائج فحص العينات التي خلت من وجود أي ميكروبات فيها، وبما أن المصلحة العامة والقاعدة الأصولية تنص على أن درء المفاسد أولى من جلب المنافع فقد قررت الحكومة وقف توزيع الحليب وتقديم مادة غذائية بديلة تحتوى على قيمة غذائية مقاربة للقيمة الغذائية للحليب.
معالي الرئيــــــس
النواب المحترمون
وفي سياق الحديث عن قطاع التعليم العام، فقد استمعت وزملائي الوزراء إلى العديد من المطالب المتعلقة بإنشاء المدارس في مناطق مختلفة من المملكة، وأعيد التأكيد هنا أنه في عام 2008 سيتم استلام (38) مدرسة جديدة وطرح عطاءات لـ (53) مدرسة جديدة علاوةً على إضافات لغرف صفية ومختبرات علمية وأعمال صيانة لمدارس قائمة في مناطق مختلفة من المملكة.
وستدرس الحكومة تحسين أحوال المعلمين مادياً من خلال نظام حوافز يحسن من إنتاجية المعلم بالإضافة إلى تأهيله وتدريبه ضمن برنامج مدروس تعده وزارة التربية والتعليم.
كما ستقوم الحكومة بمراجعة المناهج المدرسية لضمان البناء الفكري المتكامل للطلبة في المراحل الدراسية المختلفة وبما يعزز هذا البناء المتكامل ويربطه بقطاع التعليم العالي وسوق العمل.
وأما بالنسبة للتعليم العالي فسوف تقوم الحكومة بإعادة النظر في أسس القبول لكافة المستويات في الجامعات الأردنية الرسمية والخاصة وكليات المجتمع. كما تؤكد الحكومة أنها لن تسمح برفع الرسوم الجامعية في كافة المؤسسات التعليمية في عام 2008.
معالي الرئيـــــــس
النواب المحترمون
وأما برامج الحكومة فيما يتعلق بالإسكان وتنفيذاً لتوجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم بأن يكون عام 2008 هو عام الإسكان فستعمل الحكومة على توفير المساكن ضمن المشاريع الإسكانية بحيث تكون ضمن مقدرة المواطنين من شرائــح ذوي الدخل المحدود والمتدني، وذلك من خلال برامج الإسكان الاعتيادية والمدن السكنية متكاملة الخدمات وبرامج المكارم الملكية السامية التي ستتركز بشكل رئيس في تنفيذ الشقق السكنية لإسكان موظفي القطاع العام والتي سيتم اغلبها من خلال شراكات مع القطاع الخاص، على اراضٍ تملكها المؤسسة مزودة بخدمات البنية التحتية في مواقع مختلفة، تساهم الحكومة بتحمل كلفة الأرض وخدمات البنية التحتية لدعم سعر الشقق المنتجة، حيث سيتم خلال الأيام القليلة القادمة إبرام أول هذه الاتفاقيات مع مستثمرين من القطاع الخاص لإقامة (1600) شقة كمرحلة أولى في مختلف المحافظات (العاصمة والزرقاء والمفرق واربد والطفيلة والكرك وجرش ومعان)، وسيتم إبرام الاتفاقيات الأخرى لاحقاً كما سيتم تفويض المزيــــد
من أراضي الدولة مجاناً لغاية هذا البرنامج وتنفيذ البنية التحتية لها للمراحل اللاحقة التي ستنفذ في السنوات الأربع المقبلة .
وستقوم الحكومة وبأقرب فرصة ممكنة بمراجعة قانون المالكين والمستأجرين لتصويب أي إختلالات وبما يحقق العدالة بين الجميع.
إن الحكومة ملتزمة بتوفير السكن الصحي والملائم والكريم للناس ، وقد وردت ملاحظات من بعض النواب المحترمين حول خطة الحكومة لتحسين (500) من المساكن في المخيمات من صفيح إلى خرسانة والتلميح أن لهذا الآمر أهداف خفية وتمويل مشبوه لا قدر الله وأود أن أؤكد هنا ما ورد في خطابي أمام مجلسكم الكريم قبل أيام بأن هذا لا يتعارض أبداً مع التمسك بحق العودة المقدس للاجئين وإنما يأتي كإجراء يضمن تحسين الأوضاع والظروف المعيشية لساكنيها وأن تمويل هذه المساكن سيتم من خلال الموازنة العامة للدولة وليس من أي مصدر آخر.
أما في مجال الأشغال العامة، فستولي الحكومة اهتماماً خاصاً بأعمال الطرق العامة وخاصةً الزراعية والقروية بما فـي
ذلك الثانوية منها، بهدف تسهيل الوصول إلى كافة المواقع الزراعية والسياحية والتجمعات السكانية في المحافظات والألوية، ولتحقيق ذلك ترصد الحكومة سنوياً حوالي ثمانية ملايين دينار للطرق الزراعية والقروية، يتم توزيعها على كافـة
محافظات المملكة، ضمن أسس ومعايير. بحيث يتم إعادة تأهيل وتحسين الطرق القائمة لرفع كفاءتها إلى مستويات عالية.
وفيما يتعلق بنظام التقسيمات الإدارية التي وردت في العديد من كلماتكم ، فان وزارة الداخلية بصدد إعادة النظر بنظام التقسيمات الإدارية بما تتطلبه الحاجة آخذة بعين الاعتبار الوضع الجغرافي والتوزيع الديمغرافي لكافة مناطق المملكة.
وأما الزراعة فتعد الحكومة بإعادة الاعتبار لقطاع الزراعة إيماناً منها بأهمية هذا القطاع من خلال إعادة قراءة الإستراتيجية الوطنية للزراعة ومتابعة إقرار قانون غرفة الزراعة وصندوق المخاطر وشركة التسويق الزراعي والاتحاد العام للاتحادات النوعية للمزارعين، والتوسع في إقراض المزارعين بشروط ميسرة وإعادة النظر بفوائد القروض على صغار المزارعين وكذلك تنفيذ السدود الصحراوية والحفائر في مناطق البادية وإنشاء المحميات الرعوية وتفعيل دور المركــــز الوطني والإرشاد الزراعي والخدمات البيطرية في مختلف أنحاء المملكة.
معالي الرئيــــــــس
النواب المحترمون
أما فيما يتعلق بكفاءة تحصيل الأموال العامة فلا تهاون مع أي كان وستكون الحكومة قوية على القوي حتى يسدد ما عليه من التزامات لأنه قادر على السداد، وبنفس الوقت ستكون الحكومة ارحم على الضعيف حتى يشتد عوده ويتمكن من الوفاء بالتزاماته المالية.
معالي الرئيــــــــس
النواب المحترمون
إن الثقافة لا تغيب أبداً عن ذهن الحكومة ولا عن برامجها وخططها فهي عنواننا الدائم الذي يعكس حضارتنا وكل ما يميزنا في هذا البلد المشرق. وفي هذا السياق ستعمل الحكومة على مواصلة دعم وتنفيذ عدد من المبادرات الثقافية المهمة، كمشروع مدن الثقافة الأردنية حيث تم نقل الراية من مدينة اربد إلى مدينة السلط، وإجازة التفرغ الثقافي الإبداعي، ومكتبة الأسرة، والمكتبة المتنقلة، ودعم المبدعين والمثقفين والفنانين وكل ما من شأنه أن ينهض بهذا القطاع الحيوي، كما وأن الثقافة قد أدرجت في قطاعات أخرى كالثقافة السياسية والثقافة الإعلامية، والثقافة العلمية، والثقافة المعلوماتية، والثقافة المجتمعية والثقافة البيئيـة وثقافة الجودة وغيرها من مجالات تهم الوطن ومسيرته التنموية.
معالي الرئيــــــــس
النواب المحترمون
وأما فيما يتعلق بالفساد والمحسوبية والتزاماً منا في مكافحتها ومطاردتها بكافة أنماطها، أؤكد لكم عزم الحكومة وحرصي شخصياً على متابعة هذا الموضوع وعدم التهاون فيه واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنه. وأود أن أشير هنا إننا سنتعامل بكل جدية وحزم مع أية حالة فساد مشتبه بها إن استندت إلى إثباتات وأدلة واضحة بعيداً عن الإشاعات المغرضة واغتيال الشخصية والكيدية وتصفية الحسابات.
ان هذا البلد العريق يقوم على تقاليد سياسية راسخة . وهناك مؤسسات وهيئات ولجان تقوم بمهماتها وأدوارها المحددة ضمن اختصاصات ومسؤوليات مختلفة وتعمل كلها ضمن فريق واحد لخدمة الأردن الغالي ، وتنفيذ رؤى وتطلعـات
القائد ولكن في المحصلة، هناك جهة واحدة مسؤولة أمام مجلسكم الكريم وهي هذه الحكومة صاحبة الولاية الدستورية.
إن الأصل في العمل السياسي سواء في الحكم والمعارضة هو احترام الدستور ، والحفاظ على المنجزات الكبرى ، وفي مقدمتها: هذه الصورة المشرقة للدولة الأردنية . وليس مقبولاً من طرف ما أن يتجاوز القانون ويسمح بالاعتداء على الرمــوز
والثوابت ثم يسعى للظهور بمظهر الحريص على آلية العمل الواضحة والمحددة والمصانة بقوة الدستور وهيبته. ففي الوقت الذي نتقبل وبكل رحابة صدر النقد البناء الموضوعي الذي يهدف إلى مصلحة الوطن والمواطن فإننا نرفض الاتهام والتجريم الشخصي العشوائي، غير المستند إلى أي أسس أو دلائل ملموسة ، للهيئات والمؤسسات والأشخاص .
وإنني إذ أؤكد على أهمية ما طرحتموه خلال مناقشتكم لخطط وبرامج الحكومة فإن الحكومة ستبذل قصارى جهدها لتحقيق ما هو ممكن وضمن قدراتها وإمكاناتها ، وكما أسلفت فقد بدأت بالفعل ومنذ اللحظة الأولى لتأليفها بالعمل الميداني الجاد فـي مختلف القطاعات والتنفيذ على أرض الواقع. متطلعين دائماً لما فيه مصلحة وطننا فنحن جميعا شركاء في المسؤولية والأردن وطننا جميعا نفديه بأرواحنا ونبذل الغالي والنفيس من أجل رفعة شأنه وتطوره وازدهاره والله أسأل أن يحفظ هذا الحمى العربي الهاشمي آمناً مستقراً مزدهراً بقيادة مولاي صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه.
معالي الرئيس
النواب المحترمون
إنني وأعضاء حكومتي نتقدم منكم أعضاء مجلس النواب الخامس عشر ممثلي الشعب طامحين نيل ثقتكم الغالية وقد عزمنا على العمل والتفاني والانجاز لما فيه إرضاء الله سبحانه وتعالى ومرضاة الضمير متوكلين عليه جلت قدرته .
"وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ".
صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.