Logo 2 Image




بسم الله الرحمن الرحيم

مولاي صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

يشرفني يا مولاي أن أرفع إلى مقامكم السامي أصدق آيات الولاء والإخلاص، والوطن يزدهي بمناسبات وأعياد وطنية غالية على جميع الأردنيين من بنات وأبناء شعبك الوفي، تتمثل باحتفالات عيد الاستقلال السبعين، والذكرى المئوية للثورة العربية الكبرى، وعيد الجيش العربي.
لقد شرفتموني، مولاي صاحب الجلالة، بتشكيل الحكومة وحمل مسؤولية خدمة وطننا العزيز وشعبنا الأبي. وقد تضمن كتاب التكليف السامي توجيهاتكم الملكية، التي تشكل منارة تهتدي بها الحكومة وخارطة عمل لها للقيام بما كلفتموها من مسؤوليات وواجبات وطنية في ظل المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة. ولقد حمل كتاب التكليف السامي، في ثناياه، رؤى ثاقبة ومنطلقات راسخة نحو مواصلة مسيرة الإصلاح والتحديث، لذا ستقوم الحكومة بالسير على هذا النهج والبناء على ما تم تحقيقه من إنجازات، متحملة مسؤولياتها بعزيمة وإخلاص.
مولاي المعظم، ولما كان إجراء الانتخابات النيابية خلال أربعة أشهر من تاريخ صدور إرادتكم الملكية السامية بحل مجلس النواب، فستعمل الحكومة على توفير جميع التسهيلات ووسائل الدعم كافة للهيئة المستقلة للانتخاب لضمان إدارة الانتخابات النيابية في جميع مراحلها، وفق أعلى مستويات ودرجات النزاهة والشفافية والحيادية.
كما ستعمل الحكومة، وفق توجيهاتكم السامية، على إصدار جميع الأنظمة والتعليمات اللازمة لتنفيذ قانون اللامركزية، واتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لتمكين الهيئة المستقلة للانتخاب للإعداد والتحضير لاجراء انتخابات مجالس المحافظات العام المقبل. ويأتي هذا القانون ضمن رؤيتكم الملكية الحكيمة لتوسيع المشاركة الشعبية في عملية إقرار الخطط والأولويات التنموية في المحافظات، وبما يحقق توجيهات جلالتكم في تأسيس دور تنموي فاعل لمجالس المحافظات وأجهزتها، وتوزيع مكتسبات التنمية بعدالة أكبر.
مولاي المعظم، ولغايات تحقيق رؤاكم في عمليات الإصلاح الشامل، فإن الحكومة ستلتزم بالمباشرة بسلسلة إجراءات وإصلاحات إدارية، بغية تجذير مبدأ سيادة القانون وتطوير أسلوب الإدارة، وتمكين القيادات الحكومية من إحداث التغيير المنشود. إن قيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، التي شددتم جلالتكم عليها، ستكون نصب أعيننا لا نحيد عنها، وسنعمل على ترجمتها في إجراءات يلمس نتائجها بنات وأبناء الوطن.
كما ستعمل الحكومة على تطوير أداء الجهاز الحكومي من خلال اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحسين مستويات العمل والإنجاز، ووضع مؤشرات قياس الأداء والمعايير الضامنة لذلك، بحيث تصبح الأساس في قياس إنجاز المسؤولين وأدائهم. كما سيتم تنظيم الإجراءات الإدارية في الوزارات والمؤسسات الحكومية، بالتوازي مع برنامج الحكومة في أتمتة العمل من خلال مشروع الحكومة الإلكترونية، الذي سنعمل على إنجازه بسرعة ومهنية ليخدم المواطن، ويضمن أعلى مستويات الشفافية والنزاهة.
وتدرك الحكومة أن كتاب التكليف السامي جاء واضحاً جلياً بأن ما سيقدمه الفريق الوزاري من إنجاز وخدمة للمواطن سيكون المعيار الأساسي في تقييم عمله وأدائه. وفي هذا المجال، نؤكد لجلالتكم على أن الفريق الوزاري سيعمل بهمة عالية وإرادة حقيقية، دون تردد أو أعذار وبكل عزيمة وشجاعة، من أجل توفير خدمات نوعية تليق بمواطننا الغالي.
مولاي صاحب الجلالة، إن الحكومة تدرك تماما مدى انعكاسات الظروف التي تمر بها المنطقة وتداعياتها على الوضع الاقتصادي، وأن النهوض بمعدلات النمو، وتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني، وإيجاد فرص العمل تشكل أولوية قصوى تستدعي اتخاذ مجموعة متكاملة من الإجراءات التي تعكس "رؤية الأردن 2025"، وسيتم إعدادها خلال الأسابيع القادمة، حيث تعي الحكومة تماما ما جاء في كتاب التكليف السامي بهذا الشأن.
وستواصل الحكومة متابعة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاستراتيجيات ذات العلاقة بما في ذلك استراتيجية التشغيل، ومراجعة التشريعات لتحفيز النمو وتطوير بيئة الأعمال والاستثمار، وحماية الاستقرار المالي والنقدي للدولة.
وستسعى الحكومة إلى معالجة ارتفاع المديونية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، باتخاذ سلسلة من الإجراءات الإصلاحية، التي من شأنها زيادة النمو الاقتصادي، وتفعيل دور القطاع الخاص بالاستثمار في مشاريع تنموية تعزز من كفاءة الإنفاق العام، ومعالجة الهدر في موارد الدولة، وبما ينعكس إيجابيا على الأجيال القادمة.
كما ستقوم الحكومة بإعداد المشاريع التنموية والاستثمارية التي تندرج ضمن قانون صندوق الاستثمار الأردني، والتي من المتوقع أن تسهم في تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل للأردنيين. وفي هذا الإطار، تتعهد الحكومة بالإسراع في التحضير لعقد اجتماعات المجلس التنسيقي السعودي – الأردني، بما يعزز من بناء علاقات اقتصادية متينة وراسخة بين البلدين الشقيقين.
مولاي صاحب الجلالة، لقد كان للجوء أشقائنا السوريين إلى الأردن تبعات جمة ضاعفت من حجم التحديات، التي شكلت ولا زالت تشكل عبئا إضافيا على اقتصادنا. وستلتزم الحكومة بالعمل بشكل حثيث مع المجتمع الدولي لضمان تقديم الدعم المستحق للأردن، لما يقوم به من دور إنساني. كما ستقوم، في هذا الإطار، بمتابعة تنفيذ مخرجات مؤتمر لندن للمانحين لتأمين الدعم المطلوب للأردن لتمكينه من الاستمرار في توفير الاحتياجات الرئيسية للاجئين.
إن الحكومة تدرك تماما أن مشكلتي الفقر والبطالة تمثلان التحدي الأكبر الذي يواجه بلدنا، الأمر الذي يتطلب منا تطوير وتنفيذ البرامج التنموية للمحافظات كافة، وبما يعزز النواحي الإنتاجية لهذه البرامج، ويسهم في توفير فرص العمل والتخفيف من الظروف الاقتصادية الصعبة للمواطنين.
وفيما يخص سياسات التعليم، فإن الحكومة ستلتزم بالعمل بشكل وثيق مع اللجنة الملكية لتنمية الموارد البشرية لتنفيذ التوصيات التي يتم التوافق عليها، بهدف مواءمة مخرجات التعليم، خاصة التعليم المهني، مع احتياجات أسواق العمل.

وأما بالنسبة لقطاع الصحة، فستعمل الحكومة على تطوير مستوى الرعاية الصحية، وحوسبة هذا القطاع والربط الإلكتروني له، ودعم دور مجلس اعتماد المؤسسات الصحية لتمكينه من القيام بمهامه الضرورية في رفع مستوى هذه المؤسسات. كما ستعمل على تحسين الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، ودعم قطاع السياحة العلاجية لما يمثله من قيمة مضافة لاقتصادنا الأردني.
وفيما يتعلق بقطاع الطاقة، وهو قطاع حيوي في بناء الاقتصاد الأردني، فإن الحكومة ستواصل العمل على تنفيذ استراتيجية قطاع الطاقة، بما في ذلك تنويع مصادرها، خاصة الجديدة والمتجددة، وتحرير سوق المشتقات النفطية، وبما يضمن التنافسية التي تعود بالنفع على المواطن، بالإضافة إلى إنجاز المشاريع الكبرى في مجالات الطاقة.
وأما في قطاع المياه، فستعمل الحكومة على حماية مصادرنا المائية، وكذلك إيجاد مصادر جديدة من خلال حزمة من المشاريع الاستراتيجية، ومن ضمنها مشروع قناة البحرين، ومشاريع التحلية والتكرير، ومشاريع رفع كفاءة الاستخدام، ليتمكن هذا القطاع من توفير احتياجات المواطنين والقطاعات الاقتصادية كافة.
وفي قطاع النقل، ستعمل الحكومة على الإسراع في تنفيذ المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية والتنموية التي تمت دراستها، وخاصة المرتبط منها بقطاع السكك الحديدية وقطاع النقل العام، لدعم تنافسية القطاعات التصديرية والإنتاجية المختلفة، وتوفير الخدمات الملائمة لمواطنينا.
وتعي الحكومة حجم التحدي الكبير الذي يواجه قطاع السياحة، وهو من أهم القطاعات الإنتاجية المشغلة في وطننا، وضرورة العمل على إيجاد الحلول الناجعة لدعم هذا القطاع الهام، لتجاوز العقبات المرحلية وتطويره ليكون رافدا أساسيا لاقتصادنا الوطني.
ونؤكد لجلالتكم بأننا سنضع شبابنا الأردني في صميم عمل هذه الحكومة وسياساتها، من خلال وزارة للشباب تقوم بالتواصل مع فئات الشباب المختلفة ورعايتها وتحصينها فكريا واقتصاديا من براثن التطرف والتعصب والإنغلاق، فالشباب هم الركن الأساسي في بناء الحاضر والمستقبل. وهم أداة التغيير وغايته ولا بد من إعدادهم وتحصينهم بالعلم والمعرفة والمهارات وأسس التفكير البعيد عن التطرف والغلو، وترسيخ القيم الدينية والمجتمعية النبيلة المستمدة من ديننا وثقافتنا لتكون المرجعية الموجهة لسلوكهم.
وضمن السياسات الاجتماعية أيضا، ستحرص الحكومة على النهوض بنسبة مشاركة المرأة في مختلف القطاعات، ترجمة لمبدأ العدالة وتكافؤ الفرص وتفعيلاً لنصف مجتمعنا، لما سيكون لذلك من أثر كبير في النهوض باقتصادنا ووطننا الغالي.
سيدي صاحب الجلالة، والتزاما بتوجيهاتكم السامية نحو إيجاد بيئة مناسبة نموذجية لعمل السلطة القضائية لضمان تحقيق العدالة والمساواة، فإن الحكومة ستقوم بمواصلة التعاون والتنسيق مع السلطة القضائية لتوفير جميع الاحتياجات اللازمة لتطوير وتحديث القضاء وتمكينه من أداء رسالته النبيلة.
أما على صعيد السياسة الخارجية، فإن الحكومة تلتزم بالاستمرار في البناء على مواقف الأردن تجاه مختلف القضايا، وتعميق المكانة الدولية التي حققها الوطن، من خلال دبلوماسيته التي تحظى بالاحترام والتقدير في المحافل الدولية، والالتزام بالمواثيق والمعاهدات.
وستستمر هذه الحكومة في توفير كل الدعم للقضية الفلسطينية والأشقاء الفلسطينيين لإقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني، وتسخير العلاقات الدولية المميزة التي يتمتع بها الأردن لخدمة هذه القضية العادلة. كما وستولي الحكومة أهمية خاصة لرعاية الأماكن المقدسة في القدس الشريف، تنفيذاً لأمانة المسوؤلية الدينية والتاريخية التي تنهضون بها جلالتكم، ووصايتكم الهاشمية على الأماكن المقدسة فيها.
كما ستلتزم الحكومة بمواصلة جهدها في محاربة الإرهاب والتصدي لخوارج العصر، والدفاع عن ديننا الحنيف وقيمه السمحة، وتوفير كل أوجه الدعم والتمكين لحماة الوطن، القوات المسلحة - الجيش العربي والأجهزة الأمنية.
وإنني إذ أتشرف بأن أرفع لمقام جلالتكم السامي أسماء أعضاء الفريق الوزاري ملتمسا تفضلكم مولاي بالموافقة عليها، لأتعهد لجلالتكم بأن نبذل قصارى جهدنا لنكون عند حسن ظنكم في خدمة شعبنا العزيز والنهوض بوطننا الغالي، ضارعاً لله جل وعلا بأن يحفظ جلالتكم، ويسدد على طريق الخير خطاكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

خادمكم المخلص الأمين الدكتور هاني الملقي

عمان في 25 شعبان 1437 هجرية الموافق 1 حزيران 2016 ميلادية

كيف تقيم محتوى الصفحة؟