رسالة دولة رئيس الوزراء حول وثيقة الاردن اولا
بسم الله الرحمن الرحيم
مولاي صاحب الجلالة الهاشمية
الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم
حفظه الله ورعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،
فيشرفني يا مولاي أن أرفع إلى جلالتكم أسمى آيات التقدير والولاء والعرفان، سائلاً المولى عز وجل أن يكلأكم بعين رعايته، ويحفظكم قائداً عربياً هاشمياً، وأن يسدد على طريق الخير والعز خطاكم .
فقد تلقيت بعميق الاعتزاز والتقدير رسالة جلالتكم المؤرخة في 30 تشرين الأول 2002 ميلادية، والتي أكدتم فيها على أهمية أن نتشارك جميعاً في القناعة، كما في وحدة الهدف، بأن "الأردن أولاً " ليس شعاراً وحسب، بل هو مبدأ وطني راسخ في ضمائرنا. ولهذه الغاية أصدرتم توجيهاتكم الملكية السامية بتشكيل هيئة وطنية، حظيت بدعم ومساندة جلالتكم، وبحثت في السبل وآليات العمل التي توصل رسالة "الأردن أولاً" وترسخ هذا المبدأ في الممارسة اليومية، وفي ضمائر ووجدان كل الأردنيين والأردنيات
أما وقد استجابت الهيئة الوطنية لتوجيهاتكم السامية وفرغت من إعداد وثيقة وطنية تمثل القاسم المشترك لمفهوم "الأردن أولاً" ، وبعد أن حددت الآليات والتوصيات اللازمة لترجمة هذا المفهوم إلى ممارسة وأسلوب حياة، ورفعتها إلى جلالتكم في الثامن عشر من الشهر الحالي، فإن الحكومة التي حرصت منذ تحملت شرف المسؤولية على تنفيذ كل ما جاء في كتاب التكليف السامي لتدرك أن الوطن والمواطـن، ورفـع مستـوى معيشتـه، وتعزيـز قدرتـه على المساهمة في بنـاء الوطـن،
هو نقطة الارتكاز الأولى في سلم أولوياتنا ، وهي بذلك تعكف على ترجمة هذه الآليات وتقديمها ضمن حزمة متكاملة وعبر خطة عمل تنفيذية تعتمدها الوزارات والدوائر والجهات ذات العلاقة، وفق جداول زمنية معروفة، وحتى نتمكن من تنفيذ هذه المهمة، سيتم إنشاء وحدة مستقلة في دار رئاسة الوزراء من أجل متابعة الخطة والتأكد من الإنجاز المطلوب وحسب الجداول الزمنية المحددة. مؤكداً لجلالتكم أن الحكومة ستبذل كل الجهد لإنجاح هذا العمل الهادف لتجسيد مفهوم "الأردن أولاً"، وتهيئة كل الفرص لإنفاذ غاياته النبيلة0
سيدي صاحب الجلالة،
لقد أظهرت الوثيقة الهامة التي خرجت بها الهيئة، مستوى الانسجام بين ما توصلت إليه من مفاهيم وآليات، وبين ما ورد في كتاب التكليف السامي للحكومة، فكلاهما يعبر عن رؤية جلالتكم الثاقبة لبناء الأردن الأنموذج وتحقيق المستقبل الزاهر لأبنائه وبناته الفخورين بتراثهم العربي، والمتمسكين بمبادئ الدين الإسلامي السمحة، والمنتمين لوطنهم وقيادتهم الهاشمية.
ومن موقع الحرص على أن تنعكس ثمار التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتصل إلى كل أردنية وأردني في المدينة والريف والبادية والمخيم، اسمحوا لي يا مولاي أن أضع بين يديكم الكريمتين خطة الحكومة وبرنامج عملها المتعلق بتنفيذ ما ورد في وثيقة الهيئة الوطنية "الأردن أولاً".
أولاً: تعتبر حكومتكم أن الديمقراطية هي نهج الحياة الأمثل وتدرك الحاجة إلى تعميقها والتوعية بمبادئها، خاصة فيما يتعلق بأصولها وممارستها، وسنعمل على ترسيخ هذا النهج من خلال الآليات التالية:
- تنفيذ توجيهاتكم الملكية السامية بالإعداد والتحضير لإجراء الانتخابات النيابية في ربيع عام 2003، وتتعهد الحكومة بأن يتم إجراؤها بكل شفافية ونزاهة وحرية ويسر، وتعتبر ذلك مسؤولية وطنية تلتزم بها وتحرص على إنجاحها
- تشكيل لجنة من أصحاب الخبرة والكفاءة والاختصاص تعنى بإجراء دراسة مفصلة تتيح للمرأة الوصول للبرلمان في الانتخابات المقبلة، بما في ذلك تعديل قانون الانتخاب لإتاحة الفرصة لتطبيق نظام "الكوتا النسائية" وعلى أن يكون هذا الإجراء مؤقتاً وانتقالياً.
- التعاون مع السلطة التشريعية في القضايا التي تخدم المواطنين وتساهم في رفعة الوطن، وتقديم الدعم المطلوب لتعزيز دور مجلس الأمة في التشريع والرقابة ليتمكن من القيام بدوره على أفضل وجه
- تنظيم حملة توعية تعتمد على تقديم المعلومات والوثائق التي تبرز منجزات الوطن وتظهر التحديات التي تواجهه لكي يستطيع المواطن ان يبلور موقفه إزاءها
- إرساء القواعد لمأسسة الحوار البناء مع الأحزاب الوطنية، وتبادل وجهات النظر حول كافة القضايا التي تهم الوطن، لكي نكون شركاء في تنميته وازدهاره، وتغليب مصالحه ومستقبل أبنائه وبناته على المصالح الأخرى
- إتخاذ الإجراءات اللازمة لدراسة إمكانية إنشاء المحكمة الدستورية، وبما ينسجم مع الدستور
- دراسة البدائل لإعادة النظر في موضوع احتساب مدة عضوية مجلس الأمة، مدة خاضعة للتقاعد، بما يكفل العدالة ويمكن عضو مجلس الأمة من أداء عمله وواجباته البرلمانية
ثانياً: إن ترسيخ مفهوم المواطنة وتعميق الهوية الوطنية يتطلب من الجميع تكثيف الجهود الرامية لتعزيز قيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وقد حرصتم جلالتكم على التأكيد دوماً على محاربة الفساد بكافة أشكاله، وعلى أنّ الواسطة والمحسوبية والشللية مسائل لا يمكن التهاون معها، ويجب محاربتها دون هوادة
وعملت حكومتكم على بذل كل الجهود لمحاربة جميع أشكال الفساد وقامت بتعديل التشريعات والأنظمة تحقيقاً لهذا الهدف السامي، وستقوم بتكليف عدد من أصحاب الخبرة لدراسة سبل محاربة مظاهر الفساد والمحسوبية والشللية والجهوية، والخروج بتصور واضح يشكل ميثاق شرف وطني، يؤكد على أن لا فضل لأحد على الآخر، إلا بما يقدمه لوطنه وشعبه، ويساعد على ترسيخ مفهوم المواطنة والانتماء والمساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، وتحديد معايير للرقابة الإدارية على الأداء، وستكون الحكومة أول الملتزمين بهذا الميثاق.
ثالثاً: إن الحد من الفقر والبطالة وتعزيز إنتاجية أبناء وبنات الوطن في جميع مواقعهم تشكل أحد أهم أولوياتنا الوطنية، وضمن هذا الإطار، ستعمل الحكومة على:
- الاستمرار في تنفيذ برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي، وبما يكفل انعكاس آثاره الإيجابية على مستوى وظروف معيشة الأردنيين، وسنعمل على تكثيف برامج التدريب الوطني لإتاحة المجال أمام الشباب للاستفادة من هذه الفرص لاكتساب التأهيل اللازم لرفع مستوى إنتاجيتهم. وسنسعى لتوفير الموارد الضرورية لبرامج تعزيز الإنتاجية المختلفة، من اجل تحفيز المواطن على المبادرة والإنجاز والعطاء وستعتمد الحكومة قاعدة بيانات توفر المعلومة اللازمة لإعطاء الأولوية للعمالة الأردنية ضمن جهودها لضبط سوق العمل0 كما وستستمر في برنامج إعادة تأهيل المراكز الصحية في مختلف المحافظات وتدريب العاملين فيها، ورفدها بأحدث الأجهزة لكي توفر الرعاية الصحية المطلوبة للمواطنين.
- تنفيذ محاور استراتيجية محاربة الفقر من أجل ايصال الدعم المادي للأسر الفقيرة وذلك بالاعتماد على برنامج الدخل التكميلي للوصول الى الشرائح المستهدفة بالاستعانة بخرائط الفقر التي يجري إعدادها0 كما تعمل الحكومة على توظيف قاعدة البيانات المشار اليها من أجل إعطاء أولوية التدريب والتشغيل للفقراء العاطلين عن العمل، لكي يتمكنوا من الخروج من دائرة الدعم المباشر إلى نهج الإنتاج.
رابعاً: تدرك الحكومة أن انعكاس ثمار التنمية على تحسين مستوى وظروف معيشة أبناء وبنات الوطن لا يتحقق فقط من خلال تقديم الخدمات الحكومية الأساسية للمواطنين، من مياه وتعليم وتدريب وصحة وحسب، بل عبر التأكد من تقديم هذه الخدمات في الوقت المناسب وبالكفاءة والفعالية والجودة المناسبة، وفي هذا المجال ستعمل الحكومة على:
- إيلاء اهتمام خاص بموضوع سلوكيات وقيم الخدمة العامة وضرورة تنظيم العلاقة بين موظف القطاع العام والمواطن على قاعدة الاحترام المتبادل
- تعزيز ودعم مبادرتكم الملكية السامية بتكليف الحكام الإداريين بمتابعة تنفيذ المشاريع الحكومية، وذلك بالاستثمار في دعم القدرات البشرية في وحدات التنمية في المحافظات ليكون لها دور رئيسي في الإسراع في تنفيذ المشاريع التنموية والتأكد من انسجام هذه المشاريع مع واقع ومتطلبات التنمية، ومن أجل تشجيع التفاعل مع المجتمعات المحلية لرفع وتيرة الإنتاج.
- توفير المعلومة الدقيقة والصحيحة لكل المواطنين من خلال ناطقين إعلاميين في كل وزارة، واعتماد مشروع الحكومة الإلكترونية الذي يجري تنفيذه حسب الخطط الموضوعة.
- المحافظة على البيئة والتأكد من توفر متطلبات السلامة والصحة البيئية للحفاظ على مكتسبات الوطن ودعم مسيرته، وانطلاقاً من ذلك فقد تم إعداد قانون جديد للبيئة، وسيتم تأسيس وزارة جديدة للنهوض بالمتطلبات البيئية الأردنية.
- استكمال برنامج الإصلاح في البلديات باعتبار أن جزءاً كبيراً من الخدمات الأساسية يتم تقديمها للمواطن من خلالها، خاصة بعد نجاح تجربة دمج البلديات، وسيتم التحضير لإجراء الانتخابات الخاصة بالبلديات في تموز 2003 ضمن إطار يساهم في ترسيخ النهج الديمقراطي، وبما يضمن وصول ممثلين عن المجتمعات المحلية يشاركهم أصحاب الكفاءات وذوو الاختصاص لتولي المسؤولية في خدمة المجتمعات المحلية
خامساً : يحظى قطاع الشباب بجزء هام من أولويات وتوجيهات جلالتكم، لما يمثله من أملٍ للمستقبل الأردني الواعد، وقد لمست حكومتكم الاهتمام الذي تولونه لهذا القطاع بالذات عند بحث الوسائل والسبل لإيصال مفهوم "الأردن أولاً" الى شباب وشابات الوطن، وبدورنا سنولي الأهمية اللازمة لرفد الشباب بأساليب الاتصال ليتمكنوا من التعرف على أحدث المستجدات في العلم والمعرفة ومجالات الرياضة والثقافة والفنون والإبداع، وذلك من خلال الآليات التالية
- تشجيع الاستثمار الخاص في النوادي الرياضية وتعزيز قيم الاحتراف والتميز لدى الشباب
- تهيئة البنية التحتية اللازمة لدعم الحركة الرياضية والشبابية والثقافية، والاستمرار بإنشاء المراكز الشبابية والملاعب الرياضية والمراكز الثقافية في مختلف مناطق المملكة .
- الصندوق الوطني ليتمكن من تمويل التطور المطلوب لرعاية الشباب وتحسين الخدمات الموجهة إليهم
سادساً: يشكل محور تنمية الموارد البشرية المرتكز الرئيسي والأهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، وهو العامل الحاسم في صناعة المستقبل، وقد تم بحث هذا المحور في الخلوات الاقتصادية التي عقدت برعاية جلالتكم، وتم الخروج باستراتيجية وطنية لتنمية الموارد البشرية أكدت على ضرورة توجيه جزء هام من الاستثمار العام لتعليم وتدريب وتأهيل الإنسان الأردني ليغدو أكثر قدرة على التعامل مع متطلبات النمط التنموي الحديث للدولة الأردنية. ولا يمكن تحقيق ذلك دون تعزيز قدرة النظام التعليمي على إحداث تغيير جذري ينتقل بالعنصر البشري من دور المتلقي للمعلومة إلى دور المبادر القادر على التفكير المبدع والعمل المنتج.
وستقوم الحكومة بتنفيذ التوصيات والآليات والإجراءات الإصلاحية التي تساهم في ترسيخ مفهوم "الأردن أولاً" والتي وردت في الوثيقة في جوانب الحياة التعليمية والمعيشية للطلبة، من خلال العمل على:
- تنفيذ البرنامج الوطني للاستثمار في الإصلاحات التعليمية والذي تقدر تكلفته بحوالي (430) مليون دينار على مدار الخمس سنوات القادمة، لتطوير النظام التعليمي بمختلف محاوره، من تأهيل وتدريب المعلمين، وتحديث وتطوير المناهج، وإنشاء الأبنية المدرسية والإضافات الصفية التي توفر البيئة التعليمية والتربوية الملائمة، وحوسبة العملية التعليمية وإدخال التعليم الإلكتروني.
- اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحديث المناهج التعليمية في المدارس والجامعات لتشمل مبادئ الدستور، وتاريخ الدولة الأردنية، ومرجعيتها الفكرية ونظامها الملكي الدستوري، وتعزيز قيم وسلوكيات الحوار والإبداع والإنجاز لدى أبناء وبنات الوطن
- دراسة أنجع الوسائل لموائمة مخرجات النظام التعليمي مع احتياجات سوق العمل الأردني وذلك بالتعاون والتنسيق فيما بين المجلس الأعلى للتعليم والتدريب المهني والجامعات ومؤسسات القطاع الخاص
- إيجاد الآلية المناسبة للتواصل مع طلبة الجامعات والكليات من اجل ترسيخ مفهوم مشاركتهم في الحياة المدنية العامة حاضراً ومستقبلاً ولتعزيز دورهم في المشاركة في عملية صنع القرار.
- إنشاء نافذة تمويلية خاصة في صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية لدعم التميز والإبداع لدى الطلبة، وليكون الحاضنة للأفكار والمبادرات والمواهب، وستقوم الوزارات المعنية بوضع المعايير الضرورية لاكتشاف المواهب في المدارس والجامعات والكليات لتوفير الفرص للجميع الاستفادة من هذه المكرمة الملكية السامية
سابعاً: إن ترسيخ مفهوم الديمقراطية في المجتمع المدني المعاصر الذي نتوخاه لأردن المستقبل يتطلب أن تكون أحزاب الوطن على قدرة وكفاءة ومسؤولية، من أجل المشاركة في نهضة وتنمية ورفعة الوطن، جنباً إلى جنب مع مؤسسات المجتمع المدني الأخرى0 وإن ما توصلت إليه وثيقة "الأردن أولاً" بالمفهوم والآليات يعبر تعبيراً صادقاً عن الدور الذي يأمله شعبكم من أحزابه الوطنية، لكي تعتمد هذا المفهوم كناظم ونهج وممارسة، ولكي تعكس برامجها السياسية والاقتصادية والتنموية والاجتماعية آمال وطموحات المواطنين جميعاً، وخاصة قطاع الشباب الذي يمثل أغلبية المجتمع ويتوق إلى العلم والمعرف
واستجابة لرغبة جلالتكم، وانسجاماً مع توصيات الوثيقة، ستأخذ الحكومة على عاتقها مسؤولية إرساء حوار فعال منتج مع أحزاب الوطن، للخروج بتصور واضح حول دورها في الحاضر والمستقب ولهذه الغاية سيتم تشكيل لجنة من أصحاب الكفاءة والاختصاص والمعرفة والخبرة السياسية والقانونية لتعديل قانون الأحزاب، بما يكفل إنهاء حالة التشرذم وتشجيع الإندماج فيما بينها، وتعميق الشفافية والأداء الديمقراطي لديها، ومساعدتها على التطور والارتقاء، ليكون أداؤها بمستوى التطلعات والتحديات
ثامناً: إن الحكومة تدرك الأهمية البالغة لدور النقابات المهنية في أي مجتمع مدني معاصر، ولذلك تحرص كل الحرص علىرعاية النقابات ومؤسسات المجتمع المدني ومنحها الحقوق المنصوص عليها في القوانين المرعية، لمساعدتها في الاضطلاع بواجباتها والتزاماتها المهنية وتؤكد الحكومة احترامها لدور النقابات في تعزيز المهنية وعلى مشاركتها في التنمية الاقتصادية، وفي الحفاظ على حقوق منتسبيها0 وسنواصل دعم العمل النقابي من أجل تطوير المهنية ومساعدتها في أداء دورها في خدمة المجتمع0 واستجابة لمفهوم "الأردن أولاً" الذي كرس مبدأ الشراكة بين جميع مؤسسات المجتمع المدني، ستقوم الحكومة بتنظيم حوار مؤسسي مع النقابات ومؤسسات المجتمع المدني، وتشكيل لجنة من أصحاب العلاقة والاختصاص، للخروج بتصور واضح ينظم علاقة النقابات بعضها ببعض، وعلاقات النقابات بالدولة والمجتمع، من خلال مراجعة شاملة للقوانين ذات العلاقة، وبما يكفل احترام الأدوار المناطة بها والمرجوة منها
تاسعاً: إن ما يشهده عالمنا المعاصر من انفتاح وتطور كبيرين في تقنيات الاتصال يتطلب منا تكثيف الجهود الرامية للوصول إلى إعلام وطني يعبر عن ضمير الأردن وهويته، وينقل رسالته ويعكس صورته الحقيقية على الصعيدين المحلي والدولي، وترى الحكومة في قطاع الإعلام رافداً من روافد مسيرتنا التنموية، وقد تم تشكيل المجلس الأعلى للإعلام ليساهم مع الحكومة في رسم السياسة الإعلامية وتنظيم قطاع الإعلام، وفي هذا المجال ستعمل الحكومة على تنفيذ رؤية جلالتكم من خلال:
- بناء نظام إعلامي يتماشى وسياسة الانفتاح الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الأردني، ويحاكي روح العصر، ويعبر عن ضمير الوطن وهويته، ويعكس إرادته وتطلعاته
- تشجيع التعددية واحترام الرأي والرأي الأخر
- اعتماد المهنية في الأداء الإعلامي والتركيز على التميز والإبداع
- استقلال الإدارة والقرار الإعلامي لإفساح المجال أمام القطاع الخاص للمشاركة في هذا الحقل
- مراجعة التشريعات ذات العلاقة وتطوير مواثيق الشرف الإعلامية والتركيز على التدريب ومراعاة المتغيرات الفنية في عالم الاتصال
- تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في قطاع الإعلام بمختلف مجالاته، وتوفير البيئة التنافسية الداعمة له، والمساعدة في توفير كوادر إعلامية مهنية متخصصة قادرة على إحداث التغيير الإيجابي المطلوب
عاشراً: انطلاقاً من الإيمان الراسخ لدى الحكومة بأهمية الدور الذي يلعبه القضاء النزيه المستقل، المدعوم بالخبرات والكفاءات والبنية التحتية المناسبة، فقد بدأت الحكومة بتنفيذ خطة واسعة لتطوير هذا الجهاز، تم صياغتها بالتعاون مع اللجنة الملكية لتطوير الجهاز القضائي. وستواصل الحكومة إنجاز هذه الخطة من خلال العمل على:
- توفير التمويل اللازم لإنشاء قصور العدل في المحافظات للتسهيل على المواطنين، وتقديم الخدمات القضائية لهم في مناطق تواجدهم
- حوسبة أعمال الجهاز القضائي
- تنفيذ برنامج إطلاع القضاة على المستجدات في القوانين الاقتصادية خاصة تلك المتعلقة بالتجارة والاتصالات والتقنية وبراءة الاختراعات
حادي عشر: إن تحقيق رؤيتكم لأردن حديث يوفر فرص العيش الكريم لجميع أبنائه وبناته بعدالة وتكافؤ يحتم على القطاعين الخاص والعام العمل معاً كشركاء في الغرم والغنم لتحقيق النمو الاقتصادي الإيجابي وترجمته إلى تحسين في مستوى معيشة المواطن وإلى تنمية اجتماعية عادلة تتيح المجال لتعزيز الإنتاجية وتمهد الطريق للخروج من دائرة العوز إلى نهج العمل الشريف المجدي، ولتحقيق ذلك، ستعمل الحكومة على ما يلي:
- الاستمرار في إرساء قواعد الحوار والتشاور والشراكة مع مؤسسات القطاع الخاص من اجل رفع تنافسية الاقتصاد الوطني وزيادة إنتاجيته ونموه
- تهيئة المناخ التشريعي والقضائي والإداري لتشجيع الاستثمار الخاص، ليكون المحرك لنمو الاقتصاد الصناعي والتجاري والتقني والتصديري والخدمي
- تشجيع القطاع الخاص على المبادرة والاستثمار في المشاريع الوطنية وإعطاء الفرص المتكافئة للأردنيين، والاستثمار في العلم والمعرفة والبحث والتطوير وسبل الإدارة الحديثة بما يكفل رفع تنافسية المؤسسات والشركات والمصانع الأردنية
- حث القطاع الخاص على المشاركة في الاستثمار في المبادرات المختلفة التي تهدف الى تنمية المحافظات وزيادة مساهمتها في الاقتصاد الوطني
سيدي صاحب الجلالة،
إن الحكومة إذ ترفع لجلالتكم خطة عملها هذه لإيصال مفهوم واليات "الأردن أولاً" الى كل مواطن ومواطنة، لتؤكد لجلالتكم حرصها على مواصلة العمل لرعاية شؤون الوطن وصون مكتسباته، وتعتبر كل مؤسسات المجتمع المدني شاملة الأحزاب والنقابات والمنظمات الأهلية شريكاً في منظومة العمل الوطني العام
وتؤكد حكومتكم مساندتها للجان التي سيسند إليها مناقشة آليات وردت في وثيقة "الأردن أولاً"، وستعمل على تنفيذ الإجراءات المتعلقة بترسيخ الديمقراطيه وانتظام دور الأحزاب والنقابات والهيئات المدنية، والجامعات ووسائل الإعلام والاتصال
آملين أن تكون خطة عملنا ترجمة فعلية لمفهوم وآليات "الأردن أولاً" ليكون وطننا بأطيافه وحدة إجتماعية تجعل من تنوع آرائنا وتعدديتنا غنىً، ومن اختلاف آرائنا توحداً، هاجسنا خدمة الأردن الذي نعتز ونفاخر الدنيا به، نعمل من اجله، وننتمي لترابه الطهور، وندافع عن حماه ونبذل في سبيله الغالي والنفيس.
رعاكم الله أباً وقائداً لهذا الوطن، ولما يمثله من مبادئ الحرية والديمقراطية والعدالة، وستبقى توجيهاتكم ورؤيتكم منارة هدى لكل المنتمين لثرى الوطن العزيز، الساعين دوماً لبناء الأردن القوي المنيع، الذي سيبقى على الدوام سنداً قوياً لأمته العربية والإسلامية، مدافعاً عن قيم الأمة وعدالة قضاياها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
خادمكم الأمين
المهندس علي أبو الراغب
رئيـــــس الـــــــــوزراء
عمان في 18 شوال 1423 هجريــــة
الموافق 22 كانون الأول 2002 ميلادية